مكاننا فلا يقبلوا منه، واقبل ينسل رجل حتى اخلوا مراكزهم، وبقي عبد الله بن جبير في اثني عشر رجلا، وانحط خالد بن الوليد على عبد الله بن جبير وقد تفرقوا أصحابه وبقي في نفر قليل وقتلهم على باب الشعب وهجموا على المسلمين من ادبارهم، وانهزم أصحاب رسول الله (ص) هزيمة عظيمة، واقبلوا يصعدون على الجبال وفي كل وجه فلما رأى رسول الله (ص) الهزيمة كشف البيضة عن رأسه، وقال: اني أنا رسول الله إلى أين تفرون عن الله وعن رسول الله وكانت هند بنت عتبة في وسط العسكر وكلما انهزم رجل من قريش دفعت إليه ميلا ومكحلة وقالت له: إنما أنت امرأة فاكتحل بهذا ولم يبق مع رسول الله (ص) إلا أبو دجانة سماك بن خرشة الأنصاري وعلي (ع) فكلما حملت طائفة على رسول الله (ص) استقبلهم علي (ع) فدفعهم عنه حتى انكسر سيفه فدفع إليه رسول الله (ص) سيفه ذا الفقار فانحاز رسول الله (ص) إلى ناحية أحد فوقف وكان القتال من وجه واحد فلم يزل علي (ع) يقاتلهم حتى أصاب في وجهه ورأسه ويديه وبطنه ورجليه سبعون جراحة أو تسعون فنزل جبرئيل وقال: إن هذه لهي مواساة يا محمد فقال (ص) له: إنه مني وأنا منه واسى (ع) رسول الله حتى اصابه سبعون جراحة فتعصب جبرئيل من تلك المواساة.
أقول: افدي الذي واسا ابن رسول الله (ص) حتى قطعت يداه واصابه من الجراحات ما لا تعد ولا تحصى، وصار درعه كجلد القنفذ من كثرة السهام حقيقا بالبكاء عليه حزنا:
أبو الفضل الذي واسا أخاه * فجاد له على عطش بماء وكان رضا أخيه مبتغاه قال الصادق (ع): نظر رسول الله (ص) إلى جبرئيل بين السماء والأرض على كرسي من ذهب وهو يقول: لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي.
وروي إن سبب انهزامهم نداء إبليس فيهم إن محمدا قد قتل وكان النبي حينئذ في زحام الناس وكانوا يرونه فجاء خالد بن الوليد من ظهر رسول الله وقال لأصحابه: دونكم هذا الذي تطلبونه فحملوا على رسول الله (ص) حملة رجل واحد ضربا بالسيف وطعنا بالرمح، ورميا بالنبال، ورضخا بالحجارة.
وفي تاريخ ابن الأثير فكسرت رباعية رسول الله السفلى وشقت شفته وكلم في