والحروب فلما حل العصابة وإذا بجراحته شخبت دما وكلما شدوه بغيرها ما سكن الدم حتى شق من تلك العصابة شيئا وعصب بها رأس الحر، والمقتولون في سبيل الله أحياء عند ربهم ليسوا كالأموات، وتجهيزهم غير تجهيز الأموات لا يغسلون ولا يكفنون ورسول الله ما غسل شهداء أحد ولا كفنهم، فالحسين (ع) لا يحتاج إلى الغسل والكفن لان دمه هو ماء غسله وثيابه كفنه، ولكن ما تركوا عليه ثيابه سلبوا حتى ذلك الثوب العتيق تركوه عريانا:
غسلوه بدم الطعن وما * كفنوه غير بوغاء الثرى ولئن لم يغسل فقد غسلته دماؤه، ولئن لم يقلب على المغتسل فقد قلبته أرجل الخيل، ولئن لم يكفن فقد كفنته الرمال:
وخر للموت لا كف تقلبه * إلا بوطي من الجرد المحاضير وكان حمزة بن عبد المطلب أول من جئ به إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فصلى عليه رسول الله وكبر عليه أربعا وقال: رأيت الملائكة تغسل عمي حمزة ثم جمعوا إليه الشهداء فكان كلما أتي بشهيد وضع إلى جنب حمزة فصلى عليه وعلى الشهيد حتى صلى عليه سبعين مرة لان الشهداء سبعون، ثم قال لأهل القتلى: احفروا وأوسعوا وأحسنوا وادفنوا الاثنين والثلاث في القبر.
النبي (ص) صلى على حمزة سبعين مرة، أما ما حصل للحسين (ع) أحد ينادي الصلاة مات الغريب نعم نادى ابن سعد (لع) هلموا ودوسوا صدر الحسين الخ.
ثم أمر النبي (ص) بحمزة إن تمد عليه برقته وهو في القبر وكانت قصيرة وكانوا إذا خمروا بها رأسه بدت رجلاه، وخمروا بها رجليه انكشف وجهه فبكى المسلمون وقالوا: يا رسول الله عم رسول الله يقتل فلا يوجد له ثوب؟ فقال: بلى.
فلما دفن القتلى انصرف رسول الله (ص) إلى المدينة وخرجت نساء المدينة لان إبليس صاح الا قد قتل محمد فخرجن النساء باكيات صارخات، فأخبرن بان النبي (ص) حي ولم يصبه شئ فحلفن أن لا يرجعن إلى خدورهن حتى يرين رسول الله (ص) وهن واقفات حتى دخل رسول الله، فلما رأينه ولو لن وبكين ثم دخلن خدورهن، والى هذا أشار بشير بن جذلم في قوله: (يا أهل يثرب لا مقام لكم بها) يعني لو كنتم صادقين في دعواكم إن لا تسكن بيوتنا حتى نرى النبي فيحق الان أن لا تسكنوا المدينة