عند الرجلين إلى جانب قبر شيخه الصدوق أبو القاسم جعفر ابن قولويه، انتهى.
وذكر ابن إدريس في آخر (السرائر) الحكاية التي أشار إليها العلامة (رض) في (الخلاصة) انه كان في أيام اشتغاله على أبى عبد الله المعروف بالجهل في مجلس علي بن عيسى الرماني فسأل رجل بصرى عن علي بن عيسى عن يوم الغدير والغار فقال:
اما خبر الغار فدراية، واما خبر الغدير فرواية، والرواية لا توجب ما توجبه الدراية ثم انصرف البصري فقال المفيد: ما تقول في من قاتل الإمام العادل؟ قال: كافر ثم استدرك وقال: فاسق، قال: ما تقول في أمير المؤمنين على " ع "؟ قال: امام قال: ما تقول في طلحة والزبير ويوم الجمل؟ قال: تابا قال اما خير الجمل فدراية واما خبر النوبة فرواية فقال له: كنت حاضرا حين سألني البصري؟ قال: نعم فدخل منزله واخرج معه ورقة قد ألصقها وقال: أوصلها إلى شيخك أبى عبد الله فجاء بها إليه فقرأها وهو يضحك، ثم قد اخبرني بما جرى بينك وبينه ولقبك المفيد، ويروى له قريب من هذا مع القاضي عبد الجبار المعتزلي، انتهى.
وقال اليافعي في تاريخه: عند ذكر سنة ثلاث عشر وأربعمائة، وفيها توفى عالم الشيعة وامام الرافضة صاحب التصانيف الكثيرة شيهم المعروف بالمفيد وبابن المعلم أيضا البارع في الكلام والجدل والفقه، وكان يناظر أهل كل عقيدة مع الجلالة والعظمة في الدولة البويهية، قال ابن أبي طي، وكان كثير الصدقات، عظيم الخشوع كثير الصلاة والصوم، خشن اللباس، وقال غيره: وكان عضد الدولة ربما زار الشيخ المفيد وكان شيخا ربعة نحيفا اسم رعاش ستا وسبعين سنة وله أكثر من مائتي مصنف، وكانت جنازته مشهودة، وشيعة ثمانون الف من الرافضة والشيعة وأراحنا الله منه، انتهى كلام اليافعي.
وهذا الرجل من أكابر العامة ومعتصبيهم، وقد رأيت من آخر كلامه ما يدل على عناده وشدة بغضه لمثل هذا الشيخ، ومع ذلك لم يمكنه جحد مناقبه الدينية والدنيوية والعلمية والعملية، وقال الشيخ يحيى بن البطريق الحلى (رض) من أن صاحب الامر (عج) كتب إليه ثلاث كتب في كل سنة كتابا، وهذا بما يدل على علو شأنه وارتفاع مقامه وهذا أوفى مدحا وتزكية، وأزكى ثناء وتطرية، يقول امام الأمة وخلف الأئمة ومن توقيعاته (عج): هذا كتاب إليك أيها الأخ الولي والمخلص في ودنا الصفي