والمشير على السراء والضراء، والوزير عند الأخلاء، والقريب عند الغرباء، ومنار سبيل الجنة يرفع الله به أقواما فيجعلهم في الخير قادة سادة هدانا يقتدى بهم أدلة في الخير تقتص آثارهم وترمق أفعالهم، وترغب الملائكة في خلتهم، وبأجنحتهم تمسحهم وكل رطب ويابس لهم يستغفر حتى حيتان البحر وهوامه وسباع البر وانعامه، والسماء ونجومها لان العلم حياة القلوب من العمى، ونور الابصار من الظلم، وقوة الأبدان من الضعف، يبلغ به العبد منازل الأبرار والدرجات العلى، والتفكر فيه يعدل بالصيام ومدارسته بالقيام، به يطاع الله عز وجل، وبه يعبد وبه يوحد، وبه يمجد وبه يتورع وبه توصل الأرحام، به يعرف الحلال من الحرام وهو امام والعمل تابعه يلهمه السعداء، ويحرمه الأشقياء، ونور يقذفه الله في قلب من يشاء، فطوبى لقلب يكون محلا ومحطا لهذا النور ومنزلا لوديعة الرب الغفور لا شك ولا شبهة بان العلم وديعة الله في القلب، ويجب احترام ذلك القلب لأجل وديعة الرب، لعن الله أهل الكوفة إذ هم لم يرعوا، ولم يعظموا وديعة الله التي أودعت في قلب الحسين " ع " لأنهم بعد ما أثخنوه بالجراح رموا قلبه لا شريف بسهم محدد مسموم له ثلاث شعب فوقع في قلبه الشريف فقال: بسم الله وبالله وفى سبيل الله وعلى ملة رسول الله (ص).
ومن أكابر علمائنا الماضين شيخنا الجليل المحيي للفرائض والسنن الشيخ المفيد قدس الله سره العزيز، قال العلامة: نور الله مضجعه.
في (الخلاصة) في ترجمة محمد بن محمد بن النعمان، يكنى أبى عبد الله، يلقب:
بالمفيد، وله حكاية في تسميته بالمفيد ذكرناها في كتابنا الكبير، ويعرف بابن المعلم من اجل مشايخ الشيعة ورئيسهم واستادهم، وكل من تأخر عنه استفاد منه، وفضله أشهر من أن يوصف في الفقه والكلام والرواية، أوثق أهل زمانه وأعلمهم، انتهت رئاسة الإمامية في وقته إليه، وكان حسن الخاطر، دقيق الفطنة حاضر الجواب، له قريب من ماتى مصنف صغار وكبار، مات قدس سره ليلة الجمعة لثلاث خلون من شهر رمضان سنة ثلاث عشر وأربعمائة، وكان مولده يوم الحادي عشر من ذي القعدة سنة ست وثلاثين وثلاثمائة، وقيل سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة وصلى عليه الشريف المرتضى أبو القاسم علي بن الحسين بميدان الأشنان في بغداد، وضاق على الناس مع كبره ودفن في داره سنين، ونقل إلى مقابر قريش بالقرب من السيد الإمام أبى جعفر الجواد " ع "