عن عامر الشعبي قال: بعث إلى الحجاج ذات ليلة فخشيت فقمت فتوضأت وأوصيت ثم دخلت عليه فنظرت فإذا نطع منشور والسيف مسلول، فسليت عليه فرد على السلام فقال: لا تخف فقد أمنتك الليلة وغدا إلى الظهر وأجلسني عنده، ثم أشار فأتى برجل مقيد بالكبول والاغلال فوضعوه بين يديه فقال: إن هذا الشيخ يقول: ان الحسن والحسين كانا ابني رسول الله صلى الله عليه وسلم ليأتيني بحجة أو لأضربن عنقه فقلت: يجب ان تحل قيده فإنه إذا احتج فلا محالة يذهب وان لم يحتج فإن السيف لا يقطع هذا الحديد فحلوا قيوده وكبلوه فنظرت فإذا هو سعيد بن جبير فحزنت بذلك وقلت: كيف يجد حجة على ذلك من القرآن فقال له الحجاج: إئتني بحجة من القرآن على ما ادعيت وإلا ضربت عنقك فقال له: انتظر فسكت ساعة ثم قال له مثل ذلك فقال: انتظر فسكت ساعة ثم قال له مثل ذلك فقال: انتظر فسكت ساعة ثم قال له مثل ذلك.
فقال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم (ووهبنا له إسحاق ويعقوب - إلى قوله: وكذلك نجزى المحسنين) ثم قال الحجاج: اقرأ ما بعده فقرأ (وزكريا ويحيى وعيسى) فقال سعيد: كيف يليق هاهنا عيسى؟ قال: إنه من ذريته قال: إن كان عيسى من ذريته إبراهيم ولم يكن له أب بل كان ابن ابنته فنسب إليه مع بعده فالحسن والحسين أولى ان ينسبا إلى رسول الله مع قرابتهما منه، فأمر له بعشرة آلاف دينار، وامر بأن يحملوه مع إلى داره واذن له في الرجوع.
قال الشعبي: فلما أصبحت قلت في نفسي قد وجب على أن آتي هذا الشيخ فأتعلم منه معاني القرآن لأني كنت أظن انى أعرفها فإذا انا لا أعرفها، فأتيته فإذا هو في المسجد وتلك الدنانير بين يديه يفرقها عشرا عشرا ويتصدق بها.
قال: هذا كله ببركة الحسن والحسين لئن كنا أغممنا واحدا لقد فرحنا ألفا وأرضينا الله ورسوله، قوله: (لئن كنا أغممنا واحدا - يعنى بذلك الشعبي - لقوله فحزنت).
عن أبي الجارود قال: قال الباقر " ع ": يا أبا الجارود ما يقول الناس في الحسن والحسين؟ قلت: ينكرون علينا انهما ابنا رسول الله، قال: فبأي شئ احتججتم عليهم؟ قلت: لقول الله في عيسى بن مريم: (ومن ذريته داود) إلى قوله (وكل من الصالحين) فجعل عيسى من ذريته إبراهيم واحتججنا عليهم بقوله تعالى: (قل تعالوا ندع)