بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٧٧ - الصفحة ٢٩٥
وقد بقي أكثر (1).
52 - البصائر: لسعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب و الحسن بن موسى الخشاب ومحمد بن عيسى، عن علي بن أسباط، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عبد الصمد بن بشير، عن عثمان بن زياد أنه دخل على أبي عبد الله عليه السلام فقال له رجل: إني سألت أباك عن الوضوء فقال: مرة مرة، فما تقول؟ فقال: إنك لن تسألني عن هذه المسألة إلا وأنت ترى أني أخالف أبي توضأ ثلاثا وخلل أصابعك (2).

(١) كتاب الطرف: ١٣.
(٢) بصائر الدرجات لسعد بن عبد الله الأشعري: ٩٤.
أقول: اختلف الأحاديث وهكذا كلمات الأصحاب في أن الوضوء مرة مرة حد محدود لا يجوز التعدي عنه كما عرفت من الصدوق أو المرة فرض والثانية سنة، والثالثة بدعة محرمة، كما هو المشهور بين الأصحاب، أو المرة فرض والاثنتان بعدها سنة ومن زاد على ذلك فقد أساء وتعدى وظلم كما رواه النسائي وابن ماجة وابن داود بمعناه، وعليه فتوى الجمهور؟.
أما قول الجمهور، فلعلهم نظروا إلى سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله حيث كان يبالغ في الامتثال ويأخذ بالحائطة لدينه، وكلما فرض الله عز وجل شيئا وأطلقه، زاد رسول الله صلى الله عليه وآله فيه مرتين، فرض الله عز وجل ركعات الفرض وسن رسول الله صلى الله عليه وآله ضعفيه فرض الله عز وجل صيام شهر رمضان وسن رسول الله صلى الله عليه وآله ضعفيه، فرض الله عز وجل صلاة الجمعة بكيفية مخصوصة، وزاد رسول الله ضعفيه في العيدين، أمر الله عز وجل بقوله " سبح اسم ربك الاعلى " فجعله رسول الله في السجدة وزاد عليه مرتين وهكذا في ذكر الركوع وغيره إلى ما شاء الله.
فرض الله عز وجل عليه اجتناب الرجز - رجز الشيطان - فقال " والرجز فاهجر " وبالغ رسول الله في امتثاله فغسل يديه ثلاثا وتمضمض ثلاثا واستنشق ثلاثا وقال فان الشيطان يبيت على خيشوم النائم، وهكذا السنة في الاستنجاء والغسل من الخبث، والغسل من الجنابة والحيض والنفاس والوضوء من الغمر وغير ذلك.
لكن الحق أن هذه السنة ما كانت لتجرى في الوضوء، لأنها تجرى في الأوامر المطلقة التي لم تبين كيفيتها في ضمن الامر بها، كما في قوله تعالى: " والرجز فاهجر " و قوله عز وجل: " وان كنتم جنبا فاطهروا " وأما في الوضوء وقد بين كيفيته بصريح القرآن العزيز غسل فغسل ثم مسح فمسح فالظاهر بل المعلوم قطعا أن هذه الكيفية بترتيبها وموالاتها غسل الوجه وبعده غسل اليدين ثم مسح الرأس والرجلين معتبرة في حد نفسها، ولذلك وجب الترتيب والموالاة.
ولو قلنا إن الآية ليست بصدد بيان الكيفية وأنها أو امر أربعة غسل وغسل ومسح و مسح منفردا منعزلا بعضها عن بعض لما وجب الترتيب ولا الموالاة، ولما عرف صدر الاسلام وبعده إلى الان بعنوان الوضوء، أمرا واحدا ذا أجزاء.
وهكذا الامر في التيمم وهو أمر واحد ذو أجزاء من ضرب اليدين بالتراب ومسح الوجه واليدين كما سيجئ تفصيله في محله، لكن مسألة التيمم غير خلافية بحمد الله، ولم يقولوا فيه بالمسح ثلاث مرات، كما لم يقولوا في مسح الوضوء!
فإذا ثبت أن الوضوء معلوم كيفيته بالقرآن العزيز كانت الكيفية محدودة متبعة لا يجوز لاحد أن يتجاوزها " ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون ".
وأما الأحاديث الواردة من طرق أهل السنة، فالذي رواه ابن عباس قال:
توضأ رسول الله صلى الله عليه وآله مرة مرة لم يزد على هذا، رواه البخاري على ما في مشكاة المصابيح ص ٤٦، فهو المتبع، لأنه حبر الأمة يعرف من القرآن مالا يعرفه الآخرون، ولا يحابى عن عثمان حيث كان يتوضأ ثلاثا ثلاثا ويقول: هذا وضوء رسول الله!.
وأما الأحاديث الواردة من طرق أهل البيت فمن بين مصرح أن رسول الله صلى الله عليه وآله وهكذا وصيه على أمير المؤمنين عليه السلام كان يتوضأ مرة مرة، وبين ظاهر هو كالصريح أن وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله كانت مرة مرة كما هو قضية الوضوءات البيانية.
فلا مخالفة بين السنة المقطوعة من طرق الفريقين وبين مفاد القرآن العزيز، وهو أن الوضوء إنما هو مرة مرة، ولكن لا يذهب عليك أن ذلك بعد غسل اليدين قبل الوضوء كما عرفت وجه ذلك في ص ١٤٦.
نعم في بعض الروايات أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يتوضأ مرتين مرتين وسيجئ نقلها في الذيل، لكنها محمولة على التقية أيضا لما روى عن عبد الله بن زيد أن النبي صلى الله عليه وآله توضأ مرتين مرتين رواه البخاري كما في المشكاة ص ٤٦.
وقد كان عبد الله بن زيد بن عاصم راوية لوضوء رسول الله صلى الله عليه وآله حاكية له، قيل له:
كيف كان رسول الله يتوضأ؟ فدعا بوضوء فأفرغ على يديه، فغسل يديه مرتين مرتين، ثم مضمض واستنثر ثلاثا ثلاثا ثم غسل وجهه ثلاثا ثم غسل يديه مرتين مرتين إلى المرفقين ثم مسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر: بدأ بمقدم رأسه ثم ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما حتى رجع إلى المكان الذي بدأ منه، ثم غسل رجليه، رواه مالك والنسائي.
وكيف كان، لو لم يثبت الا هذا الحديث من البصائر وما يشبهه من الأحاديث التي تدير الامر بين الوضوء مرة مرة، أو التقية والوضوء ثلاثا ثلاثا لكفى من حيث الانتهاض لنفى الوضوء مرتين مرتين كما لا يخفى.
(٢٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 300 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * خطبة الكتاب * * كتاب الطهارة * * أبواب المياه واحكامها * * الباب الأول * طهورية الماء، وفيه: آيات، و: أحاديث 2
3 تفسير الآيات وقصة رجل من الأنصار الذي استنجى بالماء 2
4 معنى الطهور 6
5 في أن الماء يطهر، وما قاله شيخنا بهاء الدين العاملي قدس سره 8
6 * الباب الثاني * * ماء المطر وطينه * 11
7 * الباب الثالث * حكم الماء القليل وحد الكثير وأحكامه وحكم الجاري 14
8 في الحمامة والدجاجة وأشباههن تطأ العذرة ثم تدخل في الماء 14
9 حكم غدير الماء 17
10 الكر وحده، وفيه تحقيق وتفصيل 18
11 الغدير وحكمه 21
12 * الباب الرابع * حكم البئر وما يقع فيها 23
13 في نزح ماء البئر 23
14 * الباب الخامس * البعد بين البئر والبالوعة 31
15 البعد بين البئر والبالوعة، وفيه توضيح وتنقيح 31
16 * الباب السادس * حكم الماء الحمام 34
17 في أنه لو تنجس الحياض الصغار هل تطهر بمجرد الاتصال أم يعتبر فيه الامتزاج، و في ذيل الصفحة ما يتعلق بالمقام 35
18 الأقوال في غسالة الحمام 37
19 * الباب السابع * * المضاف وأحكامه * 39
20 في ماء الورد والقرع والرياحين والعصير وغيره، وفيه بيان، وفي ذيل الصفحة ما يناسب ذلك 39
21 * (أبواب) * * الأسئار وبيان اقسام النجاسات واحكامها * * الباب الأول * أسئار الكفار وبيان نجاستهم وحكم ما لاقوه، وفيه: آيات، و: أحاديث 42
22 بحث حول طهارة أهل الكتاب ونجاستهم، وفي الذيل ما يتعلق به 42
23 في ثوب النصارى والمجوس واليهودي 46
24 في الأكل والشرب مع الكفار 49
25 * الباب الثاني * سؤر الكلب والخنزير والسنور والفارة وأنواع السباع وحكم ما لاقته رطبا أو يابسا 54
26 في كيفية تطهير الاناء من ولوغ الكلب 54
27 في ثوب الانسان إذا أصابه كلب أو خنزير أو ثعلب أو أرنب أو فارة أو وزغة 57
28 الأقوال في النضح 60
29 * الباب الثالث * سؤر المسوخ والجلال وآكل الجيف 66
30 المسوخ ثلاثة عشر وسبب المسخ 66
31 الأقوال في فم الهرة إذا تنجس 68
32 * الباب الرابع * سؤر العظاية والحية والوزغ وأشباهها مما ليست له نفس سائلة 70
33 * الباب الخامس * سؤر ما لا يؤكل لحمه من الدواب وفضلات الانسان 72
34 الأقوال في تبعية السؤر للحيوان في الطهارة 72
35 * أبواب النجاسات والمطهرات واحكامها * * الباب الأول * نجاسة الميتة وأحكامها وحكم الجزء المبان من الحي والاجزاء الصغار المنفصلة عن الانسان وما يجوز استعماله من الجلود 74
36 في طهارة ما ينفصل من بدن الانسان من الاجزاء الصغيرة 74
37 بيان في كون السباع قابلة للتذكية، والاستصباح بالدهن النجس 76
38 * الباب الثاني * حكم ما يؤخذ من سوق المسلمين ويوجد في أرضهم، وفيه: 6 - أحاديث 82
39 * الباب الثالث * نجاسة الدم وأقسامه وأحكامه 84
40 بيان في دم القروح والجروح وحدهما 84
41 تحقيق وتفصيل في العفو عما دون الدرهم 87
42 الدمل الذي يسيل منه القيح 90
43 * الباب الرابع * نجاسة الخمر وساير المسكرات والصلاة في ثوب أصابته، وفيه: آية، و: أحاديث 93
44 القائلون بنجاسة الخمر واستدلالهم 94
45 علة الرخصة في الصلاة في ثوب أصابه خمر وودك الخنزير 98
46 * الباب الخامس * نجاسة البول والمنى وطريق تطهيرهما وطهارة الوذي وأخواتها 100
47 البحث في بول الرضيع 101
48 في المذي وطهارته ونجاسته 102
49 الدليل على نجاسة المني 105
50 * الباب السادس * أحكام سائر الأبوال والأرواث والعذرات ورجيع الطيور 107
51 في بول ما يؤكل لحمه 107
52 تنقيح وتوضيح في نجاسة البول والغائط ما لا يؤكل لحمه 111
53 * الباب السابع * ما اختلف الاخبار والأقوال في نجاسته، وفيه: آية، و: أحاديث 113
54 معنى قوله عز اسمه: " وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد " وفيه تحقيق وما يناسب وما يتعلق بالمقام 113
55 في أن الحديد طاهر، والاختلاف في سؤر الحايض 115
56 عرق الجنب من الحلال والحرام 117
57 * الباب الثامن * حكم المشتبه بالنجس، وبيان أن الأصل الطهارة وغلبته على الظاهر 122
58 في الفأرة الرطبة تمشي على الثياب والفأرة والدجاجة والحمامة وأشباههن تطأ العذرة ثم تطأ الثوب 122
59 في موضع النجاسة إذا اشتبه 126
60 * الباب التاسع * حكم ما لاقى نجسا رطبا أو يابسا 127
61 * الباب العاشر * ما يلزم في تطهير البدن والثياب وغيرها 129
62 الأقوال في التعدد إذا وقع المغسول في الماء الجاري أو الراكد 130
63 * الباب الحادي عشر * أحكام الغسالات 134
64 في غسالة الخبث والمستعمل في الأغسال المندوبة 134
65 بحث في غسالة الوضوء والغسل في ذيل الصفحة 145
66 * الباب الثاني عشر * تطهير الأرض والشمس وما تطهرانه والاستحالة والقدر المطهر منها 147
67 الأقوال في مطهرية الشمس وكيفية التطهير بها 151
68 في الدخان المستحيل من الأعيان النجسة، والطين، والعجين 154
69 * الباب الثالث عشر * أحكام الأواني وتطهيرها 160
70 في دن وحب الخمر 161
71 * أبواب آداب الخلا والاستنجاء * * الباب الأول * علة الغايط ونتنه وعلة نظر الانسان إلى سفله حين التغوط وعلة الاستنجاء 163
72 * الباب الثاني * آداب الخلاء 167
73 في أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان أشد الناس توقيا عن البول 168
74 مواضع المنهي عنها للبول 169
75 في قول علي عليه السلام: سبعة لا يقرءون القرآن... 174
76 الدعاء في دخول الخلاء 179
77 تغطية الرأس في الخلاء، وفي ذيل الصفحة ما يناسب 182
78 في أن أول حد من حدود الصلاة هو الاستنجاء وهو أحد عشر 194
79 * الباب الثالث * آداب الاستنجاء والاستبراء 197
80 جرت في البراء بن معرور الأنصاري ثلاث من السنن 197
81 قصة قوم كانوا ينجون بالخبز صبيانهم 202
82 فيمن بال ولم يكن معه ماء 205
83 كيفية الاستنجاء 208
84 * " أبواب الوضوء " * * الباب الأول * ما ينقض الوضوء وما لا ينقضه 212
85 في أن الوضوء لا ينقض بالمذي والقئ والرعاف والدم 216
86 * الباب الثاني * علل الوضوء وثوابه وعقاب تركه 229
87 العلة التي من أجلها توضأ الجوارح الأربع 229
88 * الباب الثالث * وجوب الوضوء وكيفيته وأحكامه، وفيه: آيات، و: أحاديث 239
89 تفسير قوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق " وما قاله ابن هشام، وفي الذيل ما يتعلق بذلك 239
90 البحث في مسح الرجلين وغسلهما 247
91 * الباب الرابع * ثواب اسباغ الوضوء وتحديده والكون على طهارة وبيان أقسام الوضوء وأنواعه 301
92 فيما قال الله تعالى لموسى عليه السلام والرسول صلى الله عليه وآله لأصحابه 301
93 في استحباب الوضوء للجماع وبعد الجماع 305
94 * الباب الخامس * التسمية والأدعية المستحية عند الوضوء وقبله وبعده 314
95 العلة التي من أجلها يجب الاستنجاء من البول بالماء 319(ه‍)
96 * الباب السادس * التولية والاستعانة والتمندل 329
97 في كراهية التمندل بعد الوضوء 331
98 * الباب السابع * سنن الوضوء وآدابه من غسل اليد والمضمضة والاستنشاق وما ينبغي من المياه وغيرها 332
99 في الماء الذي تسخنه الشمس والنهي عن الوضوء والغسل والعجين به 335
100 في السواك وفيه عشر خصال 341
101 * الباب الثامن * مقدار الماء للوضوء والغسل وحد المد والصاع 348
102 التحقيق في تحديد الصاع والمد 350
103 في الذيل بحث وتحقيق في المكاييل والمد والصاع 353
104 * الباب التاسع * من نسي أو شك في شئ من افعال الوضوء ومن تيقن الحدث وشك في الطهارة والعكس ومن يرى بللا بعد الوضوء 358
105 * الباب العاشر * حكم صاحب السلس والبطن، وأصحاب الجباير ووجوب إزالة الحايل عن الماء 364
106 فيمن قطع يده ورجله 364
107 في الجبيرة مفصلا 368
108 في الجرح والكسر 371