بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٧٧ - الصفحة ٢٩٠
فيظهر منه سوء أدب منه بالنسبة إلى الإمام عليه السلام وهو ينافي علو شأنه، ولعله كان أمثال هذا في بدو استبصاره، لأنه كان أولا من فضلاء العامة، ويمكن أن يقال:
المعنى أخبرني عن مستند علمك وقولك من الكتاب والسنة الذي تستدل به على المخالفين المنكرين لامامتك، حتى أحتج أنا أيضا عليهم به عند المناظرة (1).
وقرأ بعض مشايخنا قدس الله أرواحهم الفعلين بصيغة التكلم فمعناه أخبرني بمستند علمي ودليل قولي، فاني جازم بالمدعى، غير عالم بدليله من غير جهة قولك لأحتج به على العامة.
وضحكه عليه السلام إما من تقرير زرارة المطلب الذي لا خدشة فيه، بما يوهم سوء الأدب لقلة علمه بآداب الكلام، أو للتعجب منه أو من المخالفين بأنهم إلى الان لم يفهموا كلام الله مع ظهوره في التبعيض، أو من تعصبهم وإنكارهم عنادا مع علمهم بدلالة الآية، أو من تبهيمه فيما بعد بقوله: يا زرارة الخ.

(١) لما كانت المسألة خلافية فتوى وقراءة، وتشاجر فيها الفريقان - حتى اليوم - لكونها مبتلى بها في اليوم والليلة مرات عديدة، ورأي أن الإمام عليه السلام يحكم ويفتى بوجوب مسح الرأس والرجلين، ويقول ببطلان الوضوء إذا غسل الرجلين.
مع ما اشتهر عنهم عليهم السلام " أن كل شئ نقوله فهو في كتاب الله عز وجل "، " ما من أمر يختلف فيه اثنان الا وله أصل في كتاب الله لكن لا تبلغه عقول الرجال "، " والله ما نقول بأهوائنا ولا نقول برأينا ولا نقول الا ما قال ربنا، أصول عندنا نكنزها كما يكنز هؤلاء ذهبهم وفضتهم " وغير ذلك.
استفهم متضرعا مستدعيا أن يعرف وجه هذا الفتوى من القرآن العزيز، ولم يتحتم عليه أن يجيبه، فقال: " ألا تخبرني من أين علمت وقلت إن المسح ببعض الرأس وبعض الرجلين " فهذا سؤال على محله ولذلك تبسم الإمام عليه الصلاة والسلام، ولو لم يسئله هو - و هو فقيه الأصحاب - فمن الذي يسأله عن ذلك، كما لم يسأله أحد غيره، ولو لم يسأل عن ذلك، لما وصل الينا الوجه في ذلك، ولما عرفنا أن الباء للاستعلاء، والمسح يكون على مقدمه وعلى ظهر الرجلين كما عرفت وجه البحث في ذلك.
(٢٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 ... » »»
الفهرست