إن الله يعطي الدنيا من يحب ويبغض (1) ولا يعطي هذا الامر إلا صفوته من خلقه أنتم والله على ديني ودين آبائي إبراهيم وإسماعيل، لا أعني علي بن الحسين ولا محمد بن علي وإن كان هؤلاء على دين هؤلاء (2).
تبيان: " من يحب ومن يبغض " أي من يحبه الله ومن يبغضه الله، أو من يحب الله ومن يبغض الله، والأول أظهر، " ولا يعطي هذا الامر " أي الاعتقاد بالولاية واختيار دين الإمامية " إلا صفوته من خلقه " أي من اصطفاه واختاره وفضله من جميع خلقه بسبب طيب روحه وطينته كما مر، أو المعنى أن ذا المال والجاه و النعمة في الدنيا يمكن أن يكون محبوبا لله أو مبغوضا لله، وليست سببا لحب الله ولا علامة له، بخلاف دين الحق فان من أوتيه يكون لا محالة محبوبا لله مختارا عنده، وعلى الوجهين الغرض بيان فضل الولاية والشكر عليها، وعدم الشكاية بعد حصولها عن فقر الدنيا وذلها وشدائدها، وحقارة الدنيا وأهلها عند الله، وأنها ليست مناط الشرف والفضل.
قوله عليه السلام: " ودين آبائي " والمعنى أن أصول الدين مشتركة في ملل جميع الأنبياء، وإنما الاختلاف في بعض الخصوصيات فان الاعتقاد بالتوحيد والعدل و المعاد مما اشترك فيه جميع الملل، وكذا التصديق بنبوة الأنبياء، والاذعان بجميع ما جاؤوا به، وأهمها الايمان بأوصيائهم، ومتابعتهم في جميع الأمور، وعدم العدول عنهم إلى غيرهم، كان لازما في جميع الملل، وإنما الاختلاف في خصوص النبي و خصوص الأوصياء وخصوص بعض العبادات فمن أقر بنبينا صلى الله عليه وآله وبجميع ما جاء