محمد الطيار، عن أبيه عن أبي جعفر عليه السلام قال: لم تتواخوا على هذا الامر ولكن تعارفتم عليه (1).
تبيان: " لم تتواخوا على هذا الامر " أقول: الخبر يحتمل وجوها:
الأول: ما أفاده الوالد قدس الله روحه، وهو أن التواخي بينكم لم يقع على التشيع، ولا في هذه النشأة، بل كانت اخوتكم في عالم الأرواح قبل الانتقال إلى الأجساد، وإنما حصل تعارفكم في هذا العالم بسبب الدين، فكشف ذلك عن الاخوة في العليين، وذلك مثل رجلين كانت بينهما مصاحبة قديمة فافترقا زمانا طويلا ثم تلا قيا فعرف كل منهما صاحبه.
ويؤيده الحديث المشهور عن النبي صلى الله عليه وآله الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف، وهذا الخبر وإن كان عاميا لكن ورد مثله في أخبارنا بأسانيد جمة.
منها ما روى الصفار في البصائر بأسانيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال: والله يا أمير المؤمنين إني لأحبك، فقال: كذبت، فقال الرجل: سبحان الله كأنك تعرف ما في قلبي، فقال علي عليه السلام: إن الله خلق الأرواح قبل الأبدان بألفي عام ثم عرضهم علينا، فأين كنت لم أرك؟ (2).
وعن عمارة قال: كنت جالسا عند أمير المؤمنين عليه السلام إذ أقبل رجل فسلم عليه، ثم قال: يا أمير المؤمنين والله إني لأحبك، فسأله ثم قال له: إن الأرواح خلقت قبل الأبدان بألفي عام ثم أسكنت الهواء، فما تعارف منها ثم ائتلف ههنا، و ما تناكر منها ثم اختلف ههنا، وإن روحي أنكر روحك (3).
وبسنده أيضا عن أبي عبد الله عليه السلام مثله إلا أنه قال: إن الله خلق الأرواح قبل الأبدان بألفي عام، فأسكنها الهواء، ثم عرضها علينا أهل البيت، فوالله ما منها روح إلا وقد عرفنا بدنه، فوالله ما رأيتك فيها فأين كنت؟ (4).