بل يغلبه الحسد " أو منافق يقفو أثره " أي يتبعه ظاهرا وإن كان منافقا أو يتتبع عيوبه فيذكرها للناس، وهو أظهر " أو شيطان " أي شيطان الجن أو الأعم منه ومن شيطان الانس " يغويه " أي يريد إغواءه وإضلاله عن سبيل الحق بالوساوس الباطلة كما قال تعالى حاكيا عن الشيطان: " لأقعدن لهم صراطك المستقيم " (1) الآية وقال سبحانه: " وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا " (2) وقال: " وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون "، (3) وربما يقرأ يغويه على بناء التفعيل، أي ينسبه إلى الغواية وهو بعيد " أو كافر يرى جهاده " أي لازما فيضره بكل وجه يمكنه " فما بقاء المؤمن بعد هذا " استفهام إنكار أي كيف يبقى المؤمن على إيمانه بعد الذي ذكرنا، ولذا قل عدد المؤمنين، أو لا يبقى في الدنيا بعد هذه البلايا والهموم والغموم، أو لا يبقى جنس المؤمن في الدنيا إلا قليل منهم.
7 - الكافي: عن العدة، عن البرقي، عن ابن عيسى، عن ابن مسكان، عن أبي عبد الله عليه السلام: قال: ما أفلت المؤمن من واحدة من ثلاث ولربما اجتمعت الثلاثة عليه: إما بعض من يكون معه في الدار يغلق عليه بابه يؤذيه، أو جاره يؤذيه، أو من في طريقه إلى حوائجه يؤذيه، ولو أن مؤمنا على قلة جبل لبعث الله عز وجل إليه شيطانا يؤذيه، ويجعل الله له من إيمانه انسا لا يستوحش معه إلى أحد.
بيان: " ما أفلت المؤمن " أي ما تخلص، في المصباح أفلت الطائر وغيره إفلاتا تخلص وأفلته إذا أطلقته وخلصته، يستعمل لازما ومتعديا، والظاهر أن " بعض " مبتدأ و " يؤذيه " خبره، ويحتمل أن يكون بعض خبر مبتدأ محذوف ويؤذيه صفة أو حالا و " يغلق " على بناء المجهول أو المعلوم والأول أظهر فبابه نائب الفاعل، و ضمير عليه راجع إلى ما يرجع إلى المستتر في يكون وجملة يغلق حال، عن ضمير