نادى: أيها الناس أخرجوا هذه الليلة إلى البقيع فسترون من علي عجبا.
قال حذيفة بن اليمان: فاجتمع الناس في البقيع من العصر إلى أن هدأ الليل، فخرج إليهم أمير المؤمنين - عليه السلام - [ومعه ذو الفقار] (1) وقال: اتبعوني حتى أريكم عجبا، فتبعوه فإذا هو بنارين متفرقتين نار قليلة ونار كثيرة، فدخل في النار القليلة وأقلبها على الكثيرة.
قال حذيفة: وسمعت زمجرة كزمجرة الرعد فقلبت النار بعضا في بعضها (2)، ثم دخل فيها ونحن بالبعد عنه، وقد تداخلنا الرعب من كثرة زمجرة الرعد (3) ونحن ننظر (4) ما يصنع بالنار، ولم يزل كذلك إلى أن أسفر الصبح، ثم خمدت النار، ثم طلع منها وكنا قد آيسنا منه، فوصل إلينا وبيده رأس ذروته أحد عشر إصبعا، له عين واحدة في جبهته، وهو ماسك بشعره وله شعر مثل [شعر] (5) الدب: فقلنا له: عين (6) الله تعالى عليك، ثم أتى به إلى المحمل الذي فيه الغلام، وقال: قم بإذن الله تعالى يا غلام فما بقي عليك بأس، فنهض الغلام ويداه صحيحتان، ورجلاه سليمتان، فانكب على رجلي الامام يقبلهما (7) و [هو] (8) يقول: مد يدك فأنا أشهد أن لا إله إلا الله، و [أشهد] (9) أن محمدا رسول الله، وأنك علي ولي الله وناصر دينه، ثم أسلم القوم الذين كانوا معه.