يهرول (حتى جاء) (1) إليها، فحملها وشمها، وقال: هي هي [بعينها] (2)، أتعلم يا بن عباس ما هذه الأبعار؟ هذه قد شمها عيسى بن مريم عليه السلام، وذلك أنه مر بها ومعه الحواريون فرأى هاهنا الظباء مجتمعة وهي تبكي، فجلس عيسى عليه السلام وجلس الحواريون [معه] (3)، فبكى [وبكى] (4) الحواريون، وهم لا يدرون لم جلس ولم بكى.
فقالوا: يا روح الله وكلمته، ما يبكيك؟
قال: أتعلمون أي أرض هذه؟!
[قالوا: لا.] [قال:] (5) هذه أرض يقتل فيها فرخ رسول الله أحمد صلى الله عليه وآله وفرخ الحرة الطاهرة البتول، شبيهة أمي، ويلحد فيها، [طينه] (6) أطيب من المسك لأنها طينة الفرخ المستشهد، وهكذا تكون طينة الأنبياء وأولاد الأنبياء، فهذه الظباء تكلمني، وتقول إنها ترعى في هذه لأرض شوقا إلى تربة الفرخ المبارك، وزعمت أنها آمنة في هذه الأرض.
ثم ضرب بيده البعيرات (7) فشمها، وقال: هذه بعر الظباء على هذا الطيب لمكان حشيشها، اللهم فابقها أبدا حتى يشمها أبوه فتكون له عزاء وسلوة.
قال: فبقيت إلى يومنا (8) هذه وقد اصفرت لطول زمنها، وهذه أرض كرب