فتهيزت (1) وجوهنا وقلنا له: ما هكذا كان يفعل بنا رسول الله - صلى الله عليه وآله - و لقد كان يأتمننا على سره، فما بالك أنت لما (2) وليت أمور المسلمين تسترت بنقاب رسول الله - صلى الله عليه وآله؟! فقال للناس أسرار لا يمكن إعلانها بين الناس، فقمنا مغضبين وخلا بأمير المؤمنين - عليه السلام - مليا، ثم قاما من مجلسهما حتى رقيا منبر رسول الله جميعا.
فقلنا: الله أكبر أترى لابن حنتمة رجع عن طغيانه وغيه ورقى المنبر مع أمير المؤمنين - عليه السلام - ليخلع نفسه ويثبته [له] (3) فرأينا أمير المؤمنين - عليه السلام - وقد مسح بيده على وجهه، ورأينا عمر يرتعد ويقول: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ثم صاح ملء صوته: يا سارية الجبل (4) الجبل، ثم لم يلبث (إلى) (5) أن قبل صدر أمير المؤمنين ونزلا وهو ضاحك، وأمير المؤمنين - عليه السلام - يقول له: يا عمر افعل ما زعمت أنك فاعله وإن كان لا عهد لك ولا وفاء، فقال [له] (6): امهلني يا أبا الحسن حتى أنظر ما يرد من خبر سارية وهل (7) ما رأيته صحيحا أم لا؟
فقال له أمير المؤمنين - عليه السلام -: ويحك إذا صح ووردت أخباره عليك بتصديق ما عاينت ورأيت وانهم قد سمعوا صوتك ولجأوا إلى الجبل كما رأيت هل أنت مسلم ما ضمنت؟ قال: لا يا أبا الحسن ولكني (8) أضيف هذا إلى ما رأيت منك ومن رسول الله - صلى الله عليه وآله - والله يفعل ما يشاء [ويختار] (9).