بالنصرة، ويخبرك إن شئت أنزلت الملائكة يقاتلون، وإن شئت عليا فادعه يأتيك، فاختار النبي - صلى الله عليه وآله - عليا، فقال جبرائيل: در وجهك نحو المدينة وناد: يا أبا الغيث أدركني، يا علي أدركني، أدركني يا علي.
قال سلمان الفارسي: وكنت مع من تخلف مع علي - عليه السلام - فخرج ذات يوم يريد الحديقة، فمضيت معه، فصعد النخلة ينزل كربا، فهو ينثر وأنا أجمع، إذ سمعته يقول: لبيك لبيك ها أنا جئتك، ونزل والحزن طاهر عليه ودمعه ينحدر، فقلت: ما شأنك يا أبا الحسن؟ قال: يا سلمان، إن جيش رسول الله - صلى الله عليه وآله - قد انكسر، وهو يدعوني ويستغيث بي، ثم مضى فدخل منزل فاطمة - عليها السلام - وأخبرها وخرج، قال: يا سلمان، ضع قدمك موضع قدمي لا تخرم منه شيئا.
قال سلمان: فاتبعته حذو النعل بالنعل سبع عشرة خطوة، ثم عاينت الجيشين والجيوش والعساكر، فصرخ الامام صرخة لهب لها الجيشان، وتفرقوا ونزل جبرائيل إلى رسول الله - صلى الله عليه وآله - وسلم، فرد عليه السلام، واستبشر به، ثم عطف الامام على الشجعان، فانهزم الجمع، وولوا الدبر ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال بعلي أمير المؤمنين وسطوته وهمته وعلاه وأبان الله عز وجل من معجزة في هذا الموطن بما عجز عنه جميع الأمة، وكشف من فضله الباهر، وإتيانه من المدينة شرفها الله في سبعة عشر خطوة، وسماعه نداء النبي - صلى الله عليه وآله - على بعد المسافة، وتلبيته من أعظم المعجزات، وأدل الآيات على عدم النظير له في الأمة. (1)