عوالي اللئالي - ابن أبي جمهور الأحسائي - ج ٣ - الصفحة ٦٥٥
خطأ وكفارته عتق رقبه أو صيام شهرين متتابعين أو صدقة على ستين مسكينا، مد لكل مسكين بمد النبي صلى الله عليه وآله) (1).
(131) وروى إسحاق بن عمار عن الصادق عليه السلام، قال: قلت: من يأخذ ديته؟ يعنى الميت. قال: (الامام، هذا لله) (2) (3).

(1) المصدر السابق، حديث: 18.
(2) المصدر السابق، قطعة من حديث: 14.
(3) اعلم أن الروايات المتعلقة بالجناية على الميت سبع روايات أولها رواية الحسين بن خالد إلى آخرها، هذه السبع روايات متعلقة بالجناية على الميت، وقد جرت عادة الفقهاء بأنهم يبحثون عن الميت عقيب البحث عن الجنين لتساويهما في أن لكل واحد منهما صورة خالية عن الحياة، ولهذا صرحت هذه الروايات بأن دية الجناية على الميت إذا كانت بحيث لو كان حيا لأبطلت حياته دية الجنين قبل أن يلجه الروح مائة دينار إلا أن الفرق بينهما ان دية الجنين لورثته ودية الميت لا يملكها الورثة، كما هو مضمون الرواية واشتملت على تعليل الفرق.
والحديث المروى عن النبي صلى الله عليه وآله وكذلك عن الصادق عليه السلام دالان بصريحهما على تحريم الجناية على الميت كتحريم الجناية على الحي، ولا خلاف في ذلك. وإنما الخلاف في كمية الدية.
والمشهور ما تضمنته الرواية الأولى، لان رواية ابن مسكان في ظاهرها وجوب الدية معللا فيها بالحرمة المساوية لحرمة الحي، وحملها الصدوق على ما إذا أراد قتله في حياته فإنه يلزمه الدية، فأما إذا لم يرد ذلك فعليه مائة دينار ورواه في حديث.
والشيخ تأولها بأن المراد بقوله: عليه الدية، دية الجنين، إذ ليس في ظاهر الخبر ما يدل على دية النفس، واستدل على هذا التأويل برواية الحسين بن خالد المذكورة فإنها صريحة في هذا المعنى ودلت على ما دلت عليه الرواية السابقة من الاحكام، وفيها زيادة ان الجناية عليه خطاءا لا شئ فيها سوى الكفارة.
والظاهر أن هذا الحكم مختص بالميت المسلم الحر. فأما العبد والذمي فالواجب فيهما عشر دية الذمي وعشر قيمة العبد كحال جنيهما. ولا فرق في الأول بين الذكر والأنثى والصغير والكبير والعاقل والمجنون، لان ألفاظ الروايات جاءت عامة.
فأما هذه الدية فاختلف فيما يصنع بها، فقال السيد وابن إدريس: انها لبيت المال وصارا في ذلك إلى رواية إسحاق بن عمار المذكورة، وليست دالة على ما ذهبا إليه، لأنه قال فيها: (هذا الله) ولا منافاة بين الصدقة وبين كونها لله. والروايات المذكورة السابقة والمتأخرة مصرحة بأنها تصرف في وجوه البر مما ينال منفعته الميت.
فأما قضاء دين الميت منها ففيه اشكال من حيث إنها ليست تركة، والنص ورد بصرفها في وجوه البر، لكن لما كان في النص الصدقة بها عنه كان فيه إشارة إلى أنها في حكم ما له، وإذا كانت كذلك كانت في حكم التركة، فصح القضاء منها، خصوصا والرواية مصرحة بإضافتها إليه في قوله: فدية تلك المثلة له، وفى الرواية الأخرى مصرح بالتصدق بها عنه، فعلمنا انها تعود إلى مصالحه وما يعود نفعه إليه، ولا أنفع من تخليص ذمته من الدين. هذا مع أن من وجوه الصدقة قضاء دين الغارمين، فديته مندرج تحت مطلق الصدقة، فلا ينافي ما تضمنته الأحاديث (معه).
(٦٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 650 651 652 653 654 655 656 657 658 659 660 ... » »»
الفهرست