عوالي اللئالي - ابن أبي جمهور الأحسائي - ج ٣ - الصفحة ٤٢٦
رجل أراد أن يعتق مملوكا له، وقد كان مولاه يأخذ منه ضريبة، فرضها عليه في كل سنة، ورضي بذلك المولى، ورضى بذلك المملوك، فأصاب المملوك في تجارته مالا سوى ما كان يعطيه مولاه من الضريبة؟ قال: فقال: (إذا أدى إلى سيده ما كان فرض عليه، فما اكتسب بعد الفريضة فهو للمملوك). ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: (وقد فرض الله عز وجل على العبيد فرائض، فإذا أدوها إليه لم يسألهم عما سواها). قلت: فما ترى للمملوك أن يتصدق مما اكتسب ويعتق بعد الفريضة التي كان يؤديها؟ قال: (نعم وأجيز ذلك له)، قلت: فان أعتق مملوكا مما اكتسب بعد الفريضة، لمن يكون له ولاء المعتق؟ قال: (فيذهب فيتوالى إلى من أحب، فإذا ضمن جريرته وعقله، كان مولاه وورثه) قلت له:
أليس قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " الولاء لمن أعتق "؟ قال: (هذا سائبة، لا يكون ولاء لعبد مثله)، قلت: فان ضمن العبد الذي أعتقه جريرته وحدثه، أيلزم ذلك ويكون مولاه ويرثه؟ قال: فقال: (لا يجوز ذلك، ولا يرث عبد حرا) (1).
(22) وروى الصدوق ذلك أيضا في الصحيح (2) (3).

(١) الفروع: ٦، كتاب العتق والتدبير والكتابة، باب المملوك يعتق وله المال حديث: ١.
(٢) الفقيه: ٣، باب العتق وأحكامه، باب المكاتبة، حديث: ٦.
(٣) الرواية الأولى دالة على أن العبد يملك ما فضل عن الضريبة من كسبه، لإضافته إليه بلام الملك.
والرواية الثانية دالة على أنه يملك وان المال يتبعه بعد العتق، إذا علم به السيد، وإن لم يعلمه فهو له. وبه أفتى الشيخ، وظاهره انه لابد للمولى في ملكية المال عند العتق، مع علمه من استثنائه، فإن لم يستثنه فهو للعبد، ومنع العلامة من ذلك وابن إدريس وقالوا: لا يحتاج إلى الاستثناء، لان ملكه على تقديره ملك تصرف، فبالعتق يزول ذلك التصرف.
والرواية الثالثة دالة على ملكيته أيضا، وفيها زيادة بيان كيفية استثناء المال، بأن يقدم ذكر المال ثم يتبعه بالحرية، وانه لو عكس حصل له الحرية ولم يملك المال، كما هو مضمون الرواية، وبه أفتى الشيخ. وقال العلامة: لا فرق بينهما، لان الكلام كالجملة الواحدة، لا يتم أولها الا بآخرها، مع أن في الرواية شرط رضى المملوك، وهو شئ لم يقل به الشيخ.
والرواية الرابعة دلت على صحة عتقه وصدقته، وعدم ثبوت الولاء له. وكذا الخامسة، وبمضمونها أفتى الشيخ في النهاية، وخالفه الباقون، وقالوا: انه على تقدير التسليم فملكه ملك التصرف، وحملوا الرواية على جواز ذلك مع رضا السيد لا مطلقا، جمعا بين الأدلة، وهو الأقوى. نعم في هذا الحمل اشكال من حيث إنه إذا كان العتق برضا السيد واذنه، وجب ثبوت الولاء له، لأنه كالصادر منه، وقد اشتملت الرواية على أن العتق يكون سائبة، فبين ما دل عليه مضمون الرواية وبين هذا الحمل منافاة ظاهرة (معه).
(٤٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 421 422 423 424 425 426 427 428 429 430 431 ... » »»
الفهرست