ثم أم غانم الاعرابية اليمانية وختم في حصاتها أمير المؤمنين، وذلك مثل ما رويتم ان سليمان كان يختم على النحاس للشياطين وعلى الحديد للجن فكان كل من رأى برقه اطاعه.
أبو سعيد الخدري وجابر الأنصاري و عبد الله بن عباس في خبر طويل أنه قال خالد بن الوليد: اتى الأصلع يعني عليا عند منصرفي من قتال أهل الردة في عسكري وهو في أرض له وقد ازدحم الكلام في حلقه كهمهمة الأسد وقعقعة الرعد فقال لي: ويلك أكنت فاعلا؟ فقلت أجل، فاحمرت عيناه وقال: يا بن اللخناء أمثلك يقدم على مثلي أو يجسر ان يدير اسمي في لهواته، في كلام له ثم قال: فنكسني والله عن فرسي ولا يمكنني الامتناع منه فجعل يسوقني إلى رحى للحارث بن كلدة ثم عمد إلى قطب الرحى الحديد الغليظ الذي عليه مدار الرحى فمده بكلتا يديه ولواه في عنقي كما يتفتل الأديم وأصحابي كأنهم نظروا إلى ملك الموت فأقسمت عليه بحق الله ورسوله فاستحيى وخلى سبيلي، قالوا: فدعا أبو بكر جماعة من الحدادين فقالوا: ان فتح هذا القطب لا يمكننا إلا أن نحميه بالنار، فبقي في ذلك أياما والناس يضحكون منه فقيل: ان عليا جاء من سفره، فأتى به أبو بكر إلى علي يشفع إليه في فكه فقال علي:
انه لما رأى تكاثف جنوده وكثرة جموعه أراد ان يضع مني في موضعي فوضعت منه عندما خطر بباله وهمت به نفسه، ثم قال: واما الحديد الذي في عنقه فلعله لا يمكنني في هذا الوقت فكه، فنهضوا بأجمعهم فأقسموا عليه فقبض على رأس الحديد من القطب فجعل يفتل منه يمينه شبرا شبرا فيرمي به، وهذا كقوله تعالى (وألنا له الحديد ان اعمل سابغات وقدر في السرد).
ابن عباس وسفيان بن عيينة والحسن بن صالح ووكيع بن الجراح وعبيدة بن يعقوب الأسدي، وفي حديث غيرهم: لا يفعل خالد ما امرته، وفي حديث أبي ذر: ان أمير المؤمنين اخذ بإصبعه السبابة والوسطى فعصره عصرة فصاح خالد صيحة منكرة واحدث في ثيابه وجعل يضرب وجعل يضرب برجليه.
وفي رواية عمار: فجعل يقمص قماص البكر فإذا له رغاء وساغ ببوله في المسجد وروي في كتاب البلاذري ان أمير المؤمنين اخذه بإصبعيه السبابة والوسطى في حلقه وشاله بهما بهما وهو كالبعير عظما وضرب به الأرض فدق عصعصه واحدث مكانه أهل السير عن حبيب بن الجهم وأبي سعيد التميمي والنطنزي في الخصايص والأعثم في الفتوح والطبري في كتاب الولاية باسناد له عن محمد بن القاسم الهمداني