الأمالي - السيد المرتضى - ج ٣ - الصفحة ٩٢
عن كذا، وكذا ويده لا تنبسط إلي كذا إذا أرادوا وصفه بالفقر والقصور ويشهد بذلك قوله تعالى في موضع آخر (لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء) ثم قال تعالى مكذبا لهم (بل يداه مبسوطتان) أي انه لا يعجزه شئ وثنى اليدين تأكيدا للأمر، وتفحيما له ولان ذلك أبلغ في المعني المقصود من أن يقول بل يده مبسوطة. وقد قيل أيضا إن اليهود وصفوا الله تعالى بالبخل واستبطئوا فضله ورزقه وقيل إنهم قالوا على سبيل الاستهزاء ان إله محمد الذي أرسله، يداه إلى عنقه إذ ليس يوسع عليه وعلى أصحابه فرد الله قولهم وكذبهم بقوله: (بل يداه مبسوطتان) واليد ههنا الفضل والنعمة وذلك معروف في اللغة متظاهر في كلام العرب وأشعارهم ويشهد بذلك من الكتاب قوله تعالى (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط) ولا معنى لذلك إلا الأمر بترك إمساك اليد عن النفقة في الحقوق وترك الاسراف إلى القصد والتوسط ويمكن أن يكون الوجه في تثنية النعمة من حيث أريد بها نعم الدنيا ونعم الآخرة لان الكل وإن كانت نعما لله فمن حيث اختص كل واحد من الأمرين بصفة تخالف صفة الآخر صارا كأنهما جنسان وقبيلان ويمكن أيضا أن يكون تثنية النعمة أنه أريد بها النعم الظاهرة والباطنة. فأما قوله تعالى (غلت أيديهم) ففيه وجوه. أولها أن لا يكون ذلك على سبيل الدعاء بل على وجه الاخبار منه عز وجل عن نزول ذلك بهم، وفي الكلام ضمير وقد قيل قوله (غلت أيديهم) وموضع غلت نصب على الحال كأنه تعالى قال وقالت اليهود كذا وكذا في حال ما غل الله تعالى أيديهم ولعنهم أو حكم بذلك فيهم ويسوغ إضمار قد ههنا كما ساغ في قوله عز وجل (إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت) والمعني وقد صدقت وقد كذبت. وثانيها أن يكون معنى الكلام وقالت اليهود يد الله مغلولة فغلت أيديهم أو وغلت أيديهم فأضمر تعالى الفاء والواو لان كلامهم ثم واستؤلف بعده كلام آخر ومن عادة العرب أن تحذف فيما يجري مجرى هذا الموضع من ذلك قوله تعالى (وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا) أراد فقالوا أتتخذنا هزوا، فأضمر تعالى الفاء لتمام كلام موسى عليه الصلاة والسلام
(٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (المجلس الواحد والأربعون) تأويل قوله تعالى فأين يذهبون ان هو الا ذكر للعالمين الآية 2
2 رد قوله المعتزلة في مسئلة ارادته تعالى القبائح 3
3 عود إلى ذكر بعض محاسن شعر مروان بن أبي حفصة وغيره 4
4 مفاكهة أدبية 8
5 (المجلس الثاني والأربعون الثالث) تأويل قوله تعالى: أولئك لم يكونوا معجزين في الأرض الآية 14
6 تأويل قوله تعالى: ما كانوا يستطيعون السمع الآية 14
7 استرواح بذكر شئ من شعر مروان بن أبي حفصة وغيره 16
8 (المجلس الثالث والأربعون) تأويل قوله تأويل: ما منعك ان لا تسجد إذ أمرتك الآية 25
9 عود إلى ذكر طرف من شعر مروان بن أبي حفصة أيضا 26
10 (المجلس الرابع والأربعون) تأويل قوله تعالى: نحن أعلم ما يستمعون به الآية 35
11 تأويل قوله تعالى: ان تتبعون الا رجلا مسحورا 36
12 استرواح بذكر بعض من المحاسن الشعرية 38
13 (المجلس الخامس والأربعون) تأويل قوله تعالى: كل شئ هالك الا وجهه الآية 41
14 تأويل قوله تعالى: انما نطعمكم لوجه الله الآية ونحوها 50
15 استرواح بذكر حكاية أدبية لمحمد بن يحيى الصولي وشئ من كلام البحتري 50
16 مفاكهة المكتفى بالله مع الصولي في محاسن الشيب ومدحه 52
17 واقعة امرئ القيس مع قيصر الروم 53
18 (المجلس السادس والأربعون) تأويل قوله تعالى: وإذا سئلك عبادي عني فاني قريب الآية 59
19 عود إلى ذكر الشيب وما تقوله العرب في ذمه 61
20 قصة البيدق مع الرشيد 63
21 قصة العتابي معه أيضا 63
22 (المجلس السابع والأربعون) تأويل قوله تعالى: هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب الآية 70
23 عود إلى ذم الشيب والتألم من فقد الشباب 72
24 رد على الآمدي في انتقاده كلام البحتري 77
25 ذكر بعض مبتكرات من شعر ابن الرومي 79
26 (المجلس الثامن والأربعون) تأويل قوله تعالى: ليس لك من الأمر شئ الآية 80
27 تأويل خبر لا تناجشوا ولا تدابروا الحديث 82
28 ذكر ما ورد في اللغة العربية من معاني العرض 84
29 استرواح بذكر شئ من شعر قطري بن الفجاءة 88
30 (المجلس التاسع والأربعون) تأويل قوله تعالى: وقالت اليهود يد الله مغلولة الآية 91
31 تأويل خبر لعن الله السارق يسرق البيضة الحديث 93
32 ذكر معاني البيضة في كلام العرب والاستشهاد عليها 95
33 استرواح بذكر حكاية لطيفة للأصمعي مع الرشيد 99
34 (المجلس الخمسون) تأويل قوله تعالى: الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور 100
35 منادمة الشعبي والأخطل في مجلس عبد الملك بن مروان 101
36 استطراد لذكر مرية أعشي باهلة وبلاغتها 105
37 ذكر بعض كلام للأخطل في امتداحه لمعاوية 113
38 (المجلس الواحد والخمسون) تأويل قوله تعالى: ربنا لا تزع قلوبنا بعد إذ هديتنا الآية 114
39 استرواح بذكر قول الراعي في وصف الأثافي والرماد 116
40 (المجلس الثاني والخمسون) تأويل قوله تعالى: وإذ قال موسى لقومه ان الله يأمركم أن تذبحوا بقرة الآية 125
41 استرواح بذكر بعض كلام المتنبي وغيره 128
42 ذكر طرف من محاسن شعر عمارة بن عقيل وغيره 131
43 (المجلس الثالث والخمسون) تأويل قوله تعالى: لئن بسطت إلى يدك لتقتلني الآية 134
44 شواهد إضافة المصدر إلى فاعله ومفعوو 135
45 تأويل خبر لا يموت لمؤمن ثلاث من الأولاد الحديث 138
46 تشبيه العرب قلة مكث الشئ بتحلة اليمين والاستشهاد عليه بكلامهم 138
47 (المجلس الرابع والخمسون) تأويل قوله تعالى: ثم قست قلوبكم من بعد ذلك الآية 142
48 استرواح بذكر ما يختار من شعر الأحوص الأنصاري 149
49 (المجلس الخامس والخمسون) تأويل قوله تعالى: وعلم آدم الأسماء كلها الآية 155
50 تلخيص الجواب في هذا الموضوع 156
51 اشكال غريب في الآية المذكورة والجواب عنه 161
52 استرواح بذكر شئ من محاسن شعر حسان وغيره 162
53 (المجلس السادس والخمسون) تأويل قوله تعالى: واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا الآية 165
54 استطراد لذكر ما خوطب به صلى الله عليه وسلم والمقصود به أمته 165