الزبيري أتجلب التمر إلى هجر فقال له أبو العيناء نعم إذا أجدبت أرضها وعام نخلها.. وكان أبو العيناء من أحضر الناس جوابا وأجودهم بديهة وأملحهم نادرة.. وحكى عن أبي العيناء قال لما دخلت على المتوكل دعوت له وكلمته فاستحسن خطابي وقال لي يا محمد بلغني ان فيك شرا فقلت يا أمير المؤمنين إن يكن الشر ذكر المحسن باحسانه والمسئ بإساءته فقد زكي الله تعالى وذم فقال في التزكيه (نعم العبد إنه أواب) وقال في الذم (هماز مشاء بنميم مناع للخير معتد أثيم عتل بعد ذلك زنيم) فذمه الله تعالى حتى قذفه وقد قال الشاعر إذا أنا بالمعروف لم أثن دائبا * ولم أذمم الجبس اللئيم المذمما ففيم عرفت الخير والشر باسمه * وشق لي الله المسامع والفما وإن كان الشر كفعل العقرب تلسع النبي والذمي بطبع لا يتميز فقد صان الله تعالى عبدك عن ذلك.. وروى أنه قال له يوما إني لأفرق من لسانك ان الشريف فروقة ذو إحجام وان اللئيم ذو إمنة وإقدام.. وقال له يوما وقد دخل عليه اشتقتك والله يا أبا العيناء فقال له يا سيدي إنما يشتد الشوق على العبد لأنه لا يصل إلى مولاه فأما السيد فمتى أراد عبده دعاه.. وروى أنه قال له يوما ما بقي أحد في مجلسي إلا اغتابك وذمك عندما جرى ذكرك غيري فقال أبو العيناء إذا رضيت عني كرام عشيرتي * فلا زال غضبانا على لئامها .. وذكر أبو العيناء قال قال لي المتوكل كيف ترى داري هذه فقلت رأيت الناس بنو دورهم في الدنيا وأمير المؤمنين جعل الدنيا في داره.. وقال أبو العيناء قال لي المتوكل من أسخى من رأيت ومن أبخل من رأيت فقلت ما رأيت أسخى من أحمد بن أبي دؤاد ولا أبخل من موسى بن عبد الملك قال وكيف وقفت على بخله فقال رأيته يحرم القريب كما يحرم البعيد ويعتذر من الاحسان كما يعتذر من الإساءة فقال أجئت إلى من أطرحته فسخيته والى من أمسكته فبخلته فقلت يا أمير المؤمنين ان الصدق ما هو في موضع من المواضع أنفق منه بحضرتك والناس يغلطون فيمن ينسبونه إلى السخاء فإذا نسب الناس
(٢١٨)