بالفناء ولا شئ آخر إلا (الصعق) وهو كما قال الطريحي في مجمع البحرين يصعقون أي يموتون. (وقوله خر موسى صعقا أي مغشيا عليه من هول ما رأى يقال صعق الرجل صعقة أي غشي عليه من الفزع... لخوفه تصعق الأشياء أي تفزع) فله معان ثلث الفزع وأن يغشى عليه من الفزع أو يموت وأيا من المعاني الثلاث أريد فلا يدل إلا على فزع من في السماوات والأرض أو غشيانهم من الفزع أو موت الأحياء منهم وأين هذا من الفناء.
غاية ما في الباب على فرض شمولها للجنة والنار يدل على موت الأحياء الموجودين فيهما أيضا فيما بين النفختين ولا استحالة فيه.
مضافا إلى أن استثناء قوله (تعالى) (إلا من شاء الله) يدل على عدم العموم في الآية وإذا انتفى العموم فلا دليل على شمول المستثنى منه للجنة والنار فلعلهما من مصاديق الاستثناء.
وأما الجواب عن قوله (تعالى) كل من عليها فإن بان المراد بالهلاك استفادة الوجود من الغير وهما هالكان بهذا المعنى.
فغير صحيح لأن القرآن لا يتكلم باصطلاح المتكلمين والفلاسفة بل بالمعنى العرفي، والعرف يرى الموت فناء كما ذكره صاحب الكفاية ج 2 بحث تقليد الميت، فالصحيح ما مر من اختصاصه بأهل الأرض أولا واختصاصه بذوي العقول منهم ثانيا وكون الفناء بمعنى الموت ثالث.
(164) قوله (خلقهما في هذا الوقت عبث الخ) أقول: لم يدل دليل من عقل ولا نقل على انحصار فائدة خلق الجنة والنار في كونهما جزاء للمطيعين أو العاصين مضافا إلى أن دعوة العباد وتخويفهم