لذات الجوهر لا انفكاك له عنه، وهذا المعنى اللازم لجميع الجواهر يسميه المتكلمون (كونا) يعرفونه بحصول الجسم في الحيز أو بما أوجب تخصيص الجوهر بمكان أو بما يقدره تقدير المكان. ز.
القول 86: وما يلزمها من الأعراض - 96 / 8.
ذهبت الأشاعرة إلى أن الجواهر المتحيزة لا تخلو عن شئ من الأعراض، وحكى أبو الحسن الآمدي عن بعض الدهرية أنهم قالوا: إن الجواهر كانت في الأزل خالية عن جميع أجناس الأعراض وإنما ثبت لها فيما لا يزال.
وأما المعتزلة فقد اختلفوا في ذلك، فذهب الصالحي إلى جواز خلوها عنها فيما لم يزل، وذهب البصريون إلى امتناع تعريها عن الألوان دون غيرها، وذهب البغداديون إلى امتناع تعريها عن الألوان. والإمام الرازي من الأشاعرة وافق المعتزلة في جواز ذلك.
وليس أبو هاشم منفردا بالقول بجواز خلو الأجسام من الطعوم والألوان والروائح كما يظهر من عبارته، بل قد ادعى اتفاق المعتزلة عليه وإن كان الخلاف موجودا بينهم كما أشرنا إليه. وكذلك هو مذهب صاحب (الياقوت) من النوبختيين والمحقق الطوسي في (التجريد) حيث قال بجواز خلوها عن الكيفيات المذوقة والمشمومة والمرئية. ز.
القول 87: في بقاء الجواهر - 96 / 14.
العلم ببقاء الجواهر وما يتألف منها من الأجسام يشهد به الضرورة ولا ينازع فيها إلا مكابر، ولكن اختلف النظار في البقاء هل هو معنى قائم بالباقي أم لا؟ فأثبته أبو القاسم البلخي المعروف بالكعبي وجماعة من الأشاعرة، ونفاه آخرون وقالوا إنه معنى اعتباري هو مقارنة الوجود بزمان بعد الزمان الأول.
وأما الفناء فأثبته أبو هاشم وأتباعه معنى أيضا ونفاه الباقون، والمثبتون جعلوه ضدا للجواهر مستدلين بأن الجواهر باقية لذاتها لا يصح عدمها بالذات،