الضدين جوزوا ذلك أيضا، لكنه لا يصح ذلك على أصول أهل العدل كما نبه عليه المصنف - قدس سره -.
وقد نقل القاضي عبد الجبار المعتزلي في مقالة له (في رد المجبرة) أشياء منهم من هذا القبيل، وقال: إن المجبرة تجزأوا في زماننا هذا على التزام أشياء كان سلفهم يمتنعون عن التزامها، وأطلقوا ألفاظا كانوا يأبون إطلاقها، بل صار ما كان مشايخنا يرومون إلزامهم إياه أول ما يفتون به، واستغنوا عن الكلام في البدل وعن كثير من العبارات التي كانوا يحايلون بها وإن كان لا محصول لها، ومروا على جواز تكليف العاجز ما عجز عنه ومطالبة الأعمى بالتمييز بين الألوان، والزمن بصعود الجبال وتعذيب الأسود، والزمن على زمانته وتكلف [تكليف ظ] والتمشي على الماء والممنوع بالصعود إلى السماء الجمع بين المتضادات، إلى أشياء غير ذلك عددها في مقالته وتصدى للرد عليهم فيها. ز.
القول 110: في خلق ما لا عبرة به ولا صلاح فيه - 107 / 12.
خلق ما لا صلاح فيه لأحد من المخلوقين كما ذكره - قدس سره - عبث والله تعالى منزه عن فعل العبث لكن الكلام في تحققه، فإن معارف البشر قاصرة جدا عن درك خفيات المصالح والحكم في مخلوقات الله - جل شأنه - والذي يدركونه منها قليل جدا في مقابل ما لا يدرك منها. وقد أثبت أبحاث العلوم الطبيعية في الحيوان والنبات والجمادات، وغيرها كثيرا من الخواص والآثار والمنافع لا يبقى معه ارتياب في وجود آثار الحكمة ودقائق صنع خالقها الحكيم فيها.
ونحن بعد تدبر ما ظهر لنا من ذلك فيما أدركناه وبعد قيام البرهان على أنه تعالى منزه عن فعل العبث لا يبقى لنا إلا الاعتراف بوجودها في سائر مخلوقاته وإن كانت أفهامنا بسبب نقص مداركنا قاصرة عن إدراكها. ز.