فالفرق معنوي واقعي لا يضره اتحاد الاسم بأن يسمى كل منهما وحيا أو نزول ملك أو غيرهما بعد ما كان نوعا الوحيين والرسالتين متباينين.
والحاصل أن الوحي أو رؤية الملك على ثلاثة أقسام:
أحدها أن يكون تبليغ رسالته (تعالى) إلى عباده وهذا يختص بالأنبياء عليهم السلام.
الثاني أن يكون لإظهار حبه (تعالى) له ومناجاته معه وتسديده ونحو ذلك وهذا هو الذي ذكرناه في أم موسى ومريم وذا القرنين وما روي من نزول الملك إلى فاطمة الزهراء سلام الله عليها وتنزل الملائكة والروح في ليلة القدر على الإمام المعصوم ونحو ذلك.
الثالث أن لا يكون شئ من الأمرين موجودا بل المصالح الإلهية اقتضت رؤية بعض الناس من الأفراد العادية أو الكفار للملك أو سماعهم صوته وذلك نظير ما يحكى من رؤية السامري جبرئيل ورؤية قوم لوط للملائكة بتصريح القرآن ونحو ذلك.
فالاجماع والضرورة تحققا على إن الوحي ونزول الملك بالمعنى الملازم للنبوة يختص بالأنبياء وإنهما انقطعا بعد وفات النبي (ص) بالكلية وإن من ادعى ذلك لغير الأنبياء فقد أخطأ وكفر كما ذكره الشيخ المفيد.
وأما بالمعنى الثاني والثالث فلم يقم إجماع على بطلانه بل ربما يؤدي إنكاره إلى إنكار صريح القرآن في آيات كثيرة وإنكار روايات متواترة وقضايا تاريخية واعتقادية ثابتة باليقين.
(21) قوله في القول 9 (الذي يراك الخ)