76 - القول في أهل الآخرة، وهل هم مأمورون أو غير مأمورين؟
وأقول: إن أهل الآخرة مأمورون (1) بعقولهم بالسداد، ومحسن لهم ما حسن لهم في دار الدنيا من الرشاد، وإن القلوب لا تنقلب عما هي عليه الآن و لا تتغير عن حقيقتها على كل حال. وهذا مذهب متكلمي أهل بغداد ويخالف فيه البصريون ومن ذكرناه.
77 - القول في أهل الآخرة، وهل هم مكلفون أو غير مكلفين؟
وأقول: إن أهل الآخرة صنفان:
فصنف منهم في الجنة وهم فيها مأمورون بما يؤثرون (2) ويخف على طباعهم ويميلون إليه ولا يثقل عليهم من شكر المنعم سبحانه وتعظيمه و حمده على تفضله عليهم وإحسانه إليهم وما أشبه ذلك من الأفعال، وليس الأمور لهم بما وصفناه إذا كانت الحال فيه ما ذكرناه تكليفا لأن التكليف إنما هو إلزام ما يثقل على الطباع ويلحق بفعله المشاق.
والصنف الآخر في النار وهم من العذاب وكلفه ومشاقه وآلامه على ما لا يحصى من أصناف التكليف للأعمال، وليس يتعرون من الأمر والنهي بعقولهم (3) حسب ما شرحناه، وهذا قول الفريق الذي قدمناه ويخالف فيه من الفرق من سميناه وذكرناه.