القول 28: في اللطف والأصلح - 59 / 4.
عرف المتكلمون اللطف بما أفاد هيئة مقربة إلى الطاعة ومبعدة عن المعصية بحيث لم يكن له حظ في التمكين ولا يبلغ حد الالجاء، والتقييد بعدم الحظ في التمكين لأجل الاحتراز عن وقوع الفعل بواسطة الآلات والأدوات البشرية فإنها وإن كانت مما يقرب إلى الطاعة ويبعد عن المعصية إلا أن لها مدخلية في تمكين المكلف من الفعل، والتقيد بعدم الوصول إلى حد الالجاء من جهة أنه ينافي التكليف.
والقول بوجوب اللطف يختص به العدلية من المعتزلة والامامية والزيدية ويخالفهم فيه الأشعرية، وقد نسب الخلاف فيه أيضا إلى بشر بن المعتمر من قدماء المعتزلة وإن حكى رجوعه عن ذلك أخيرا بعد مناظرة سائر المعتزلة إياه، لكن تعليل المعتزلة بوجوبه من جهة أنهم أوجبوه من جهة العدل وأن الله تعالى لو فعل خلافه لكان ظالما. والامامية إنما أوجبوه من جهة الجود والكرم وأنه تعالى لما كان متصفا بهاتين الصفتين اقتضى ذلك أن يجعل للمكلفين ما دام هم على ذلك الحال أصلح الأشياء لهم وأن لا يمنعهم صلاحا ولا نفعا.
وأما الأصلح فقد اختلف المتكلمون في الأصلح في الدنيا هل هو واجب أم لا وذلك كما إذا علم الله تعالى أنه إن أعطى شخصا مقدارا من المال انتفع به وليس فيه مضرة له ولا لأحد غيره ولا مفسدة فيه ولا وجه قبح، فذهب أبو القاسم البلخي وسائر البغداديين وصاحب الياقوت من علماء الشيعة إلى وجوبه وقال البصريون والأشاعرة وجمهور علماء الشيعة أنه لا يجب. ز.
القول 29: في ابتداء الخلق في الجنة - 60 / 3.
هذه المسألة من فروع مسألة اللطف والأصلح، وقد اختلف فيها آراء متكلمي المعتزلة وغيرهم على ما فصله المصنف، وقد حكى الخلاف فيه أيضا عن بشر بن