إمكان الفصل بين الإرادة والمراد بسبب ما رأوا من أن الانسان يقصد عملا ثم يصدر منه ذاك العمل بعد مضي زمان، ومنشأ غلطهم خلطهم بين مقدمات الإرادة من الميل والعزم ونحوهما وبين نفس الإرادة، فعنوان هذا القول للإشارة إلى أن الإرادة هي الجزء الأخير من الإقدام النفسي الصادر من الفاعل متصلا بالفعل، وإن ما قبله ليست إرادة.
وأما قوله (إلا أن يمنع الخ) الصحيح هكذا (إلا أن يمنع من فعل المريد غير المريد) أو (إلا أن يمنع من ذلك من فعل غير المريد) يعني يمنع من إيجاب الإرادة لمرادها من جهة فعل غير المريد.
(131) قوله في القول 104 (لقولي في المحدث) في العبارة إبهامات:
الأول إن قوله (الفعل الذي تسميه الفلاسفة النفس) الظاهر كون كلمة الفعل تصحيف (الشئ) أو (المكلف) لما مر في القول 54 فراجع ولم يقل أحد من المتكلمين والفلاسفة بأن الانسان أو النفس فعل بل الأمر كما ذكرنا.
ولكن حيث أن الكلام في قسمي الفعل وهما المتولد وغيره، فيناسب أو يلزم إثبات كلمة (الفعل) هنا، وعليه فجملة (وهذا مذهب اختصرته أنا لقولي في المحدث) تكون جملة كاملة واضحة المعنى لأن تسمية الفعل بالمحدث لا غبار عليه، كما إن كونه مقسما للمتولد وغيره واضح.
غاية الأمر يبقى الكلام في قوله (الفعل الذي تسميه الفلاسفة النفس) كما مر وحينئذ فراجع إلى ما ذكره الفلاسفة من المناسبات بين النفس والفعل قال صدر المتألهين في الأسفار ج 8 ص 6 (أما البرهان على وجودها - النفس -