مسببها. فمذهب أكثر الموحدين أن ما يشاهد من الأفعال المنسوبة إلى الطباع فهو بالحقيقة لمسببه وفاعله ولا فعل لشئ منها على الحقيقة وإن نسب ذلك إليها على سبيل المجاز والتوسع. وقد خالف في ذلك طوائف منهم الفلاسفة الطبيعيون، حيث زعموا أن ما يشاهد من حركات الأجسام البسيطة أو المركبة وما يظهر منها من الآثار إنما هو لقوى موجودة في ذواتها لو قدر خلوها منها لم تكن لاختصاصها بها وجه، فالنار التي تظهر منها الحرارة والاحراق إنما صارت كذلك لأجل تلك القوة الموجودة في ذاتها، ولولا تلك القوة المنبعثة من ذاتها لما كان الاحراق وسائر الآثار أولى بالصدور منها من أضدادها، فهم يزعمون أن للأجسام في ذواتها أفعالا من حيث كونها ذات طبيعة.
ومنهم بعض المنجمين القائلين بقدم النجوم والكواكب وأنها بذواتها علل موجبة لما تحدث عنها من الآثار ومنهم بعض المعتزلة الذين انفردوا في باب أفعال الطبائع بمذاهب مخصوصة مذكورة في مظانها منسوبة إليهم.
ومنهم نفاة فعل الطبائع جملة كالأشعرية حيث قالوا: إنه ليس في النار مثلا حرارة ولا في الثلج برودة وإنما يحدث ذلك بجريان عادة الله تعالى بخلق الحرارة مقارنا لوجود النار وخلق البرودة مقارنا لوجود الثلج. ز.
القول 101: العناصر والاسطقسات - 102 / 2.
تركب الأجسام من هذه الأربعة إنما هو باعتبار أخذها أصولا لسائر ما تتركب منه الأجسام الأرضية وغيرها. وقد أظهرت الاكتشافات العلمية وتقدم أبحاث الفلاسفة المتأخرين في العلوم الطبيعية أن العناصر التي تتركب منها الأجسام كثيرة جدا وقد ذكروا أساميها وآثارها وخواصها وسائر ما يتعلق بها في مؤلفاتهم، ولا يزال