الكريم * الذي خلفك فسواك فعدلك * في أي صورة ما شاء ركبك) 1، فأخبر تعالى أنه غير الصورة وأنه مركب منها ولو كان الانسان هو الصورة لم يكن لقوله تعالى: (في أي صورة ما شاء ركبك) معنى لأن المركب في الشئ غير الشئ المركب فيه ولا مجال أن تكون الصورة مركبة في نفسها عينا لما ذكرناه، وقد قال سبحانه في مؤمن آل ياسين 2:
(قيل ادخل الجنة قال يا ليت قومي يعلمون * بما غفر لي) 3 فأخبر أنه حي ناطق منعم وإن كان جسمه على ظهر الأرض أو في بطنها، وقال الله تعالى: (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون) 4 فأخبر أنهم أحياء وإن كانت أجسادهم على وجه الأرض أمواتا لا حياة فيها، وروي عن الصادقين - عليهم السلام - أنهم قالوا: إذا فارقت أرواح المؤمنين أجسادهم أسكنها الله تعالى في أجسادهم التي فارقوها فينعمهم في جنته وأنكروا ما ادعته العامة من أنها تسكن في حواصل الطيور الخضر، وقالوا المؤمنون أكرم على الله من ذلك، ولنا على المذهب الذي وصفناه أدلة عقلية لا يطعن المخالف فيها ونظائرها لما ذكرنا من الأدلة السمعية وبالله أستعين انتهى كلامه - رفع مقامه - نقلناه بطوله لما فيه من الفائدة المناسبة في المقام. ز.
القول 56: والصراط والميزان - 78 / 14.
الطريق إلى معرفة هذه الأمور والأحكام المتعلقة بالنشأة الأخروية هو السمع وخبر المخبر الصادق فبعد ما ثبت نبوة النبي (ص) بالأدلة القاطعة وعصمته يجب التصديق بكافة ما أخبر به عن هذه الأمور الممكنة التي لا استحالة فيها عقلا كما يجب التصديق بسائر ما أتى به من الله تعالى، وبالجملة يجب الإيمان بجملة ما أخبر به عن