(192) قوله في القول 154 (وإنها فضل تشرف المتحلي به على العاطل منه) أقول: هذا دليل مستقل لا يرتبط بما قبله، ولعله أقوى الأدلة، لأن الدليل الأول يمكن يناقش فيه بأن أمور الخلق تتوقف على وجود الكتابة في بساط السلطان والرئيس مطلقا، لا على كون الرئيس نفسه كاتبا.
وأما كون الكتابة في نفسها فضيلة فلا يدفعها قضاء الحاجة بكتابة الأعوان والكتاب، فإن هذا يزيد إشكالا على إشكال وهو كون أعوان السلطان أفضل وأكمل من السلطان لاستكمالهم بالكتابة دونه.
وقد نسب الله (تعالى) الكتابة إلى نفسه في موارد بقوله وكتبنا له في الألواح من كل شئ موعظة الآية الأعراف 145 وغيرها ولكن ليس الكاتب من أوصافه (تعالى) قطعا.
(193) قوله (لجاز أن يحوجه في جميع ما كلفه الحكم فيه إلى سواه).
إن قلت: هذا الدليل قضية شرطية وقياس شرطي لا ملازمة بين مقدمه و تاليه، وبعبارة أخرى لا كلية لكبراه أعني قولنا (كلما جاز أن يحوجه الله (تعالى) في بعض أموره إلى رعيته جاز أن يحوجه في كل أموره) وذلك لاحتياج النبي (ص) إلى الجيش في الحرب وإلى أرباب الصنايع والحرف في مشاغلهم مثل البناء والنجار والحداد وغيرهم ومع ذلك لا يحتاج إليهم في الأحكام الشرعية، فلا ملازمة بين الاحتياج في البعض والاحتياج في الكل.
قلت: ليس مضمون الكبرى الملازمة بين عدم الاحتياج في بعض الأمور بقول مطلق مع عدم الاحتياج في جميع الأمور بقول مطلق، بل الملازمة بين