115 - القول في نعيم أهل الجنة أهو تفضل أو ثواب؟
وأقول: إن نعيم أهل الجنة على ضربين: فضرب منه تفضل محض لا يتضمن شيئا من الثواب، والضرب الآخر تفضل من جهة وثواب من أخرى. وليس في نعيم أهل الجنة ثواب وليس بتفضل على شئ من الوجوه، فأما التفضل منه المحض فهو ما يتنعم به الأطفال والبله والبهائم، إذ ليس لهؤلاء أعمال كلفوها، فوجب من الحكمة إثابتهم عليها. وأما الضرب الآخر (1) فهو تنعيم المكلفين وإنما كان تفضلا عليهم لأنهم لو منعوها ما كانوا مظلومين (2)، إذ ما سلف لله تعالى عندهم من نعمه وفضله وإحسانه يوجب (3) عليهم أداء شكره وطاعته وترك معصيته، فلو لم يثبهم بعد العمل ولا ينعمهم (4) لما كان لهم ظالما فلذلك كان ثوابه لهم تفضلا. وأما كونه ثوابا فلأن أعمالهم أوجبت في جود (5) الله تعالى وكرمه تنعمهم وأعقبتهم الثواب وأثمرته لهم فصار ثوابا من هذه الجهة وإن كان تفضلا من جهة ما ذكرناه، وهذا مذهب كثير من أهل العدل من المعتزلة والشيعة، ويخالف فيه البصريون من المعتزلة والجهمية ومن اتبعهم من المجبرة.