بأحدهما لزم قدم اتصافه (تعالى) ببعض الأفعال وخروجه (تعالى) عن كونه مختارا.
وبهذين الدليلين أثبت حالة ثالثة للمكلف وهو خلوه عن الفعل والترك وعدم اختياره لأحدهما، وحكم بكونه معاقبا لأجل هذا.
وأما كونه أعظم قبحا من قول جهم فإن جهما يرى تعذيب العبد لعمل صدر منه، غاية الأمر بلا اختيار، وأما على قول الجبائي فالعقاب على لا شئ و هو عدم الفعل والترك، والمفروض أنه لا يتصور ثالث في الخارج لا يكون فعلا ولا تركا حتى يكون العقاب له، فيكون العقاب على قوله بلا سبب أصلا، ومن الغريب ما صدر من العلامة الزنجاني حيث قال (وكون مقالته أعظم فحشا من مذهب جهم، من جهة أن جهما يرى العبد ملجأ ومضطرا إلى الفعل والجبائي لا يراه كذلك، ومع ذلك يجوز تعذيبه، وهذا كما تراه مخالف للعدل).
أقول: ليت شعري إذا كان العبد عند الجبائي مختارا غير مضطر فجوزنا تعذيبه لما صدر منه باختياره كيف يكون هذا مخالفا للعدل؟ وأي فحش وقبح فيه حتى يكون أعظم قبحا من قول جهم؟ بل هذا عين العدل.
فعلة كونه أعظم قبحا ما أشرنا إليه.
(55) قوله في القول 32 (من صغير لا يستخف فاعله فجائز) وفي بعض النسخ (لا يستحق فاعله اللوم) وأيا ما كان فالجمع بينه وبين سائر عباراته في المسألة وما ادعى عليه الإجماع والضرورة من عدم صدور الصغائر والكبائر مطلقا من الأنبياء تقضي بتفسير هذه العبارة بالصغائر التي لا تبلغ حد المعصية ويسميها علمائنا رضوان الله تعالى عليهم بترك الأولى، و