وتحقيق القول في ذلك ما ذكره بعض أجلاء المتأخرين وهو أن المعلومات التي يتحقق الإيمان بالعلم بها أمور متحققة ثابتة لا تقبل التغيير والتبديل فإن وحد الصانع تعالى ووجوده وأزليته وعلمه وقدرته وحياته أمور يستحيل تغيرها وكذ كونه عدلا لا يفعل قبيحا ولا يخل بواجب كذا النبوة والمعاد فإذا علمها الشخص على وجه اليقين والثبات بحيث صار علمه بها كعلمه بوجود نفسه - غير أن الأول نظري والثاني بديهي، لكن لما كان النظري إنما يصير يقينيا بانتهائه إلى البديهي ولم يبق فرق بين العلمين - امتنع تغير ذلك العلم وتبدله كما يمتنع تغير علمه بوجود نفسه.
والحاصل أن العلم إذا انطبق على المعلوم الحقيقي الذي لا يتغير أصلا فمحال تغيره فعلم أن ما يحصل لبعض الناس من تغير عقيدة الإيمان لم يكن بعد اتصاف أنفسهم بالعلم حقيقة بل كان الحاصل لهم ظنا غالبا بتلك المعلومات، والظن يمكن تبدله وتغيره. انتهى. والكلام في مسألة الموافاة واشتراط استحقاق الثواب بها وعدم اشتراطها طويل لا يسع المقام التطويل بذكره والمرجع الكتب المبسوطة. ز.
القول 65: في العموم والخصوص - 84 / 4.
الكلام في هذا الباب من مباحث أصول الفقه وقد تعرض أهله للبحث المستقصى عن هذه المسألة في كتبهم، ولكن لأجل أنها لها نوع ارتباط ببعض مباحث الوعد والوعيد وغيرها مما يبحث عنه في علم الكلام تعرض لها بعض المتكلمين في كتبهم، مثلا ورد في القرآن الكريم آيات كثيرة مشعرة بعدم جواز العفو عن مرتكبي الذنوب والمعامي مثل قوله تعالى: (ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها) 1، وقوله تعالى: (ومن يظلم منكم نذقه عذابا كبيرا) 2 وقوله تعالى: (إن الفجار لفي جحيم) 3 وآيات غير ذلك.