يختار الكفر في نفس الوقت أو لا، فعلى الأول يلزم تصحيح اجتماع الضدين و على الثاني يلزم علم قدرته على غير ما أختاره، وعليه فلا يكون قادرا على ما اختاره أيضا وهو الجبر.
والجواب إن المؤمن كان قادرا باختيار الكفر بدل الإيمان، ولم يكن مانع من جهة أخرى سوى اختياره للكفر، فهو باختياره أحد الطرفين أحال الطرف الآخر وأما مع قطع النظر عن اختياره فماهية الفعل لا بشرط بالنسبة إلى الوجود والعدم، كما إن متعلق جعل الباري (تعالى) أيضا الماهية من حيث هي لا بقيد الوجود ولا بقيد العدم.
وأقول هناك ثلث مسائل، إحديها ضروري الامكان، الثاني ضروري البطلان، الثالث محل خلاف.
فالذي لا خلاف في إمكانه أن نحكم على من هو مؤمن فعلا بأنه يمكن أن يصير كافرا في المستقبل بأن يكون الكفر في المستقبل بدلا عن الإيمان الفعلي، وبالعكس بأن يكون الإيمان في المستقبل بدلا عن الكفر فعلا. وهذا هو الذي أشار إليه بقوله أخيرا (فأما القول بأنه يجوز من الكافر الإيمان في مستقبل أوقات الكفر...) وحكمه بالإمكان بمعنى الإمكان الذاتي وإلا فبالنظر إلى أدلة الموافاة يعتقد الشيخ عدم وقوعه.
وأما الذي لا خلاف في بطلانه فهو ملاحظة حال المؤمن بوصف أنه مؤمن وأنه بهذا اللحاظ وبقيد اتصافه بالإيمان هل يمكن كون الكفر بدلا من إيمانه أم لا وبالعكس وهو أن الكافر بقيد كونه كافرا هل يمكن اتصافه بالإيمان، وهذا يكفي تصوره في إنكاره والحكم باستحالته، وذلك لأن ثبوت الإيمان للمؤمن بقيد كونه مؤمنا والكفر للكافر بقيد كونه كافرا ضروري بشرط