جميع العقلاء، فإن عقلاء العالم يحكمون ببديهة عقولهم بأن النار تحرق والعين تبصر والأنف تشم والرجل يمشي الخ وإنه ليس نسبة الاحراق إلى النار والماء على السواء، ولا نسبة الرؤية إلى العين وإلى الرجال على نهج واحد ولا نسبة الرؤية إلى العين كنسبة المشي إليها وهكذا.
والأشاعرة نفوا هذا الأمر الوجداني وحكموا بتساوي نسبة آثار كل طبيعة إليها وإلى غيرها فسووا بين نسبة الرؤية إلى العين وإلى الرجل، كما سووا بين نسبة الرؤية والمشي إلى العين.
ومن غريب ما صدر من العلامة الزنجاني أنه نسب قول العدلية إلى الفلاسفة الطبيعيين وفسره على نحو ينطبق تماما على عقيدة جميع العقلاء و منهم الشيعة إذ ليس فيه ما ينافي التوحيد إلا على مذهب الأشاعرة المنكرين للأسباب والمسببات أو الوهابيين الذين يرون إثبات الأفعال لغير لله (تعالى) منافيا للتوحيد، ولكنه غلط واضح منهم إذ كما أن إثبات الأفعال الاختيارية للعباد لا ينافي التوحيد، كذلك إثبات الأفعال الطبيعية للطبائع، بل كلها من أدلة التوحيد.
ومن الغريب أنه قده ذكر أولا مذهب أكثر الموحدين على نحو لا ينطبق إلا على مذهب الأشاعرة، ثم نسب ما هو عقيلة الشيعة وسائر العدلية إلى الطبيعيين، ثم ذكر مذهب الأشاعرة أخيرا على نحو لا يوجد فرق معنوي بينه و بين ما جعله مذهب أكثر الموحدين إلا في ذكر كلمة (عادة الله) في هذا دون ذلك وهذا لا أثر له بعد ما فرضنا أن افعال الطبايع لا تستند إليها أصلا بل هي من فعل الله (تعالى) فحينئذ يلازم هذان الالتزام بأن عادة الله جرت على خلق هذه الآثار بعد هذه الطبايع.