فنقول: نا نشاهد أجساما يصدر عنها الآثار لا على وتيرة واحدة من غير إرادة، مثل الحس والحركة والتغذية والنمو وتوليد المثل وليس مبدء هذه الأفعال المادة ... ولا الصورة الجسمية... فإذن في تلك الأجسام مباد غير جسميتها... وقد عرفت في مباحث القوة والفعل أنا نسمي كل قوة فاعلية يصدر عنها الآثار لا على وتيرة واحدة نفسا وهذه اللفظة اسم لهذه القوة لا بحسب ذاتها البسيطة بل من حيث كونها مبدء لمثل هذه الأفاعيل المذكورة... فلأن للنفس قوة الادراك وهي انفعالية، وقوة التحريك وهي فعلية...) انتهى كلامه.
أقول: إذا كان منشأ صدور جميع الأفعال والانفعالات هو النفس، بل إنما سمى النفس نفسا من هذه الجهة، ولا معنى للنفس إلا هذا فحينئذ أصل مناسبة ذكر النفس في تفسير الفعل صارت واضحة، غاية الأمر هي مبدء الأفعال لا إنها فعل، فالصحيح أن تكون العبارة هكذا (اختصرته أنا لقولي في المحدث للفعل الذي تسميه الفلاسفة النفس) بقرائة (المحدث) بكسر الدال وإضافة اللام على الفعل، يعني أن قولي في محدث الأفعال ومبدؤها يوافق ما عند الفلاسفة ويسمونه نفسا.
أو يقال إنه أراد بالفعل قابليته ومبدء صدوره كما يستعمل كثيرا.
الثاني من الإبهامات تطبيق ما ذكره من التفسير على عقيدة الفلاسفة وقد تبين وجهه مما ذكرنا.
الثالث قوله (والأصل فيه الخ) أقول: هناك ثلث مسائل:
الأولى أصل كون الإرادة موجبة لمرادها وهذه اتضحت في القول 102.
الثانية إنها موجبة لمرادها سواء كان متصلا بها ويسمى غير المتولد أو غير متصل ويسمى بالمتولد، فكلاهما يستندان إلى الإرادة وكلاهما تصيران