الانفصال بين سماء وسماء وهو الخلا، والكل مستحيل.
وهذا كما ترى مبني على فرض الجنة والنار في الجهات الامتدادية الوضعية، وفي زمان من الأزمنة المتصرمة.
مع أن أصل إثبات المكان على هذا الوجه للجنة والنار باطل، وذلك لما أشار إليه في الأسفار من (أن عالم الآخرة عالم تام لا يخرج عنه شئ من جوهره وما هذا شأنه لا يكون في مكان كما ليس لمجموع هذا العالم أيضا مكان يمكن أن يقع إليه إشارة حسية وضعية من داخله أو خارجه لأن مكان الشئ إنما يتقرر بحسب نسبته إلى ما هو مباين له في وضعه خارج عنه في اضافته، وليس في خارج هذا الدار شئ من جنسه وإلا لم يوجد بتمامه، ولا في داخله ما يكون مفصولا عن جميعه، فلا إشارة حسية إلى هذا العالم إذا أخذ أخذا تاما لا من داخله ولا من خارجه فلا يكون له أين ولا وضع، ولهذا المعنى حكم معلم الفلاسفة بأن العالم بتمامه لامكان له فقد اتضح أن ما يكون عالما تاما فطلب المكان له باطل، والمغالطة نشأ من قياس الجزء بالكل والاشتباه بين الناقص و الكامل إلى أن قال فقد ثبت وتحقق أن الدنيا والآخرة مختلفتان في جوهر الوجود غير منسلكين في سلك واحد فلا وجه لطلب المكان للآخرة...).
أقول: وإذا كان طلب المكان للآخرة لعدم احتواها ودركها كان الالتزام بالخلا وغيره من المحالات لتصحيحه من باب الفرار من المطر إلى الميزاب كما صدر من إمام المشككين في أربعينه وفي غيره. مضافا إلى بطلان الآراء المذكورة في الأفلاك.
(123) قوله (لما صح فرق بين المجتمع والمتفرق من الجواهر والأجسام)