أوائل المقالات - الشيخ المفيد - الصفحة ٢٣٦
وإنما نكتفي بالإشارة إجمالا إلى شئ من تاريخ هذا العلم عند المسلمين تمهيدا لما نحن في صدد البحث عنه.
يرشدنا النظر في تاريخ الصدر الأول والقرون الإسلامية الأولى إلى شئ ما من علل اهتمام المسلمين بهذه المباحث، حيث إن الخلافات الدينية والمذهبية الواقعة بينهم وظهور الفرق الإسلامية الكبرى على أثر تلك المخالفات من شيعة ومرجئة ومعتزلة ومحكمة وغيرهم، والفتن الناشئة بينهم من جراء ذلك وتصدي كل فرقة لتأييد عقائدها وآرائها والرد على من يخالفه على ما تكفل ببيانها كتب السير والآثار والمؤلفات الكلامية تفصيلا، نبهت الأفكار إلى لزوم ضبط هذه الأقاويل والآراء وتقييدها في ضمن مؤلفات خاصة على اختلاف في أغراض التأليف فيجد الناظر نواة البحث في ذلك في كلمات أمثال الحسن البصري وواصل بن عطاء وعمرو بن عبيد وغيرهم من علية رجال المعتزلة ونوابغ مفكريها ولكن البحث الفني الذي يمكن أن يعد بحثا حقيقيا متعلقا بهذا الفن لم ينشأ إلا في صدر الدولة العباسية، نجد الحكاية عن أبي محمد هشام بن الحكم المتكلم الشيعي الشهير (1) أنه

(١) قال أبو العباس النجاشي المتوفى سنة ٤٥٠ ه‍ - في فهرسته - ص ٣٠٤ ط بمبئ: (هشام بن الحكم أبو محمد مولى كندة وكان ينزل بني شيبان بالكوفة انتقل إلى بغداد سنة تسع وتسعين ومائة ويقال إن في هذه السنة مات). وقال العلامة الفقيه الحاج الشيخ عبد الله المامقاني (المتوفى سنة ١٣٥١ ه‍) بالنجف الأشرف، في رجاله الكبير (تنقيح المقال - ص ٢٩٤ ج ٣ ط النجف): هذا الرجل ممن اتفق الأصحاب على وثاقته وجلالته وعظم قدره ورفعة منزلته عند الأئمة - عليهم السلام - ولكن طعن فيه العامة وورد في الأخبار ذم له من جهة القول بالتجسيم وأخذ الأصحاب في الذب عنه تنزيها لساحته عن ذلك ونقل عن خط المجلسي - ره - أنه قال: قال السيد المرتضى - ره - ناقلا عن شيخه المفيد - ره -: هشام بن الحكم من أكبر أصحاب أبي عبد الله - عليه السلام - وكان تقيا وروى حديثا كثيرا وصحب أبا عبد الله - عليه السلام - وبعده أبا الحسن موسى - عليه السلام - وكان يكني أبا محمد وأبا الحكم الخ. چرندابي
(٢٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 ... » »»
الفهرست