فكانت هذه الأسباب ونظائرها علة لتصدي المصنف - قده - لتأليف هذا الكتاب ولغيره من مؤلفاته وإظهار الواقع والصحيح من مذهب الشيعة الإمامية وخلاصة آرائها ومعتقداتها في الأصول الإسلامية ومختلف المسائل الكلامية الدائرة بين النظار والمتكلمين، فبين فيه آراءهم الدينية ومعتقداتهم المذهبية الموافقة لأصول الكتاب والسنة والآثار المروية عن أئمتهم الطاهرين سلام الله عليهم أجمعين وبين من يوافقهم فيها من سائر الفرق الإسلامية من معتزلة وغير معتزلة، ثم ما يخالف فيه الإمامية سائر الفرق في بعض الآراء والأقوال مبينا ذلك بأوضح بيان ومرتبا إياه على أحسن ترتيب وأبدع أسلوب حول المواضيع الدائرة بين المتكلمين وأرباب النظر وحذاق أهل الجدل.
فهو من هذه الجهة من أحسن الكتب المؤلفة في بابه بل من أول ما ألف في هذا النمط الخاص من بيان الفرق بين أقاويل أهل الشيعة وأقاويل أهل الاعتزال على ما يجده الناظر مبسوطا في تضاعيف أبواب الكتاب، ولم يسبقه في ذلك فيما أعلم إلا المؤرخ الشيعي الشهير أبو الحسن علي بن الحسين المسعودي (1) صاحب التآليف الممتعة التاريخية وغيرها فإنه يذكر في كتابه المتداول المعروف (مروج الذهب - ص 137 ج 2 ط مصر 1353 ه) عند تعرضه لذكر أصول المعتزلة أن له كتابا مترجما بكتاب الإبانة ذكر فيه الفرق بين المعتزلة وأهل الإمامة وما بان به كل فريق منهم عن الآخر.