فوسم من كان قد انهزم بالفرار وسماه فرارا، وسمى عليا (عليه السلام) كرارا، وجعله غير فرار، فالسكينة أجل قدرا وأعظم منزلة، وأعلا مرتبة وأنفس خطرا من أن يطيش محلها، وهذه كتب المغازي المؤلفة التي يؤثرها علماؤهم ليتصفحوها، فإن وجدوا ذكره في شئ منها، أو رئي ثابتا في موضع واحد لاقى فيه، أو قاتل زمنا فضلا عن بطل، أو كان مطاعنا، أو مطعونا، أو راميا، أو مرميا، أو ضاربا، أو مضروبا، فسبيل ذلك الحق ونحن في ما ذكرنا مبطلون، وإن وجد المشركون من نكايته برآء ووجد من مكروههم خليا كما قال الله تعالى: (مسلمة لاشية فيها) (1) فليعلم الذين ادعوا له نزول السكينة عليه أنه [كان] عنها في اعتزال، وإذ قد ذكرنا أمر الغار، فإنا ذاكرون قصة الصحبة إذ كنا غير آمنين أن يحتجوا بها علينا أن سماه الله صاحبا لرسوله وقد اعتدوا بها فضيلة له وذلك ذهول (2) ممن ذهب إليه، وقلة معرفة بالكتاب، إن الصحبة يستحق المسمى بها من صاحب صاحبا إما على كفر أو إيمان، قال الله جل ذكره:
(قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب) (3) فقد جعل كل واحد منهما صاحبا صاحبه، وهما متباينان، وقول