وقيل لهم: زعمتم أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) جعل الامر إلى الأمة، فجاءت جماعة من الأمة، فاختارت أبا بكر، فينبغي إن كان الامر على ما زعمتم أن يكون أبو بكر يدع الامر من بعده، كما تركه الرسول، ولا يولي عمر، وكان يجب على عمر أن يدع ذلك كما تركه الرسول، ولا يجعل الامر في ستة نفر،! بل يجعل الامر إلى الأمة كلها، ولا يحصره في ستة، ثم لم يرض بذلك حتى أمر بضرب أعناقهم إن لم يبرموا أمرهم، فأبو بكر لم يقتد برسول الله في مذهبهم، و [كذلك] عمر، فلا برسول الله اقتدى، ولا بصاحبه أبي بكر،! فهؤلاء كلهم قد خالفوا أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، بزعمهم.
وقام بعد ذلك عثمان بالامر، وعقدوا له البيعة في أعناقهم، ثم ادعوا عليه أنه قد غير وبدل، ثم راودوه على خلعها وتوعدوه بالقتل إن لم يفعل، فقال: ما كنت لأخلع سربالا سربلينه الله!، فلما أبى عليهم قتلوه، فلا أعلم تخليطا أعجب من هذا التخليط الذي لا يشبه أوله آخره، وكيف ادعوا واستجازوا لأنفسهم، أن الرسول أهمل أمرهم، وكلهم إلى أنفسهم، وجعل الاختيار إليهم، وهو عاقل يعرف سريرة القوم و علانيتهم، والقوم جهال لا يميزون بين الصالح والطالح؟، وكيف يقدرون على استخراج الأفضل والأعلم مع تخلفهم؟!، ولا يعرف ذلك الا العالم المستغنى بنفسه، والمعلم الذي هو الرسول!. [تاريخ الذهبي ج 2 ص 446] فقد أوجبوا في مذهبهم أنهم قد ساووا رب العزة في الاختيار!، وساووا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي عرفه أمر العباد، وقد يجب مع ذلك،