والامام يشرح من بعده للأمة ما يختلفون فيه، ولولا أن في وسع الناس قبول الارشاد، وضبط التلقين لكانوا هملا ولسقط عنهم الأمر والنهي، ولو أن الناس لم يكونوا مطبوعين على تلقي العلم من المؤدبين، ولم يكن لادراك الحواس من أثر ما كان بينهم وبين البهائم فرق، وإذا كان الجهل بالمصالح وغلبة الطباع وشره الشهوات على الناس غير مأمون، فلابد لهم في كل دهر من قيم عليم ومعرف حكيم لإقامتهم على مصالحهم التي لا تبلغها عقولهم، و [أما] الامام فلا يجوز أن يكون محتاجا إلى غيره، ولا مضطرا إلى من يقيم أوده وإذا كان ناقصا كان كمن حكم بتلك الاحكام التي قد شرحناها من قبل، وكمن أتى بامرأة حبلى من غير زوجها فأمر برجمها ورجم ما في بطنها! حتى قال له أمير المؤمنين (عليه السلام): هذه قد ظهر جرمها، فما جرم ما في بطنها؟! فقال: لولا علي لهلك عمر.
وقد يجب على الأمة أن تعلم أن الناقص لا يجوز أن يكون إماما بعد الرسول لان الله قد اختار خيرة من خلقه، واصطفى صفوة من عباده فأرسل الرسول، وجعله خير خلقه وفرض الفرائض وأقام الامام على هديه ولم يكن ليهملهم، روى ذلك رواتهم وفقهائهم:
254 - فمن ذلك ما رواه عباد بن يعقوب الأسدي (1) ومحرز بن هشام