المسترشد - محمد بن جرير الطبري ( الشيعي) - الصفحة ٥٠٦
قال: فدعا عمر بدواة وقرطاس وكتب:
بسم الله الرحمن الرحيم:
هذا ما رد عمر بن عبد العزيز، ظلامة محمد بن علي، فدك (1).
(١) - قال الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي الصدوق المتوفى (٣٨١) في كتاب " الخصال "، ص ١٠٠، ط النجف:
حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه، قال: حدثنا محمد بن جرير الطبري، قال: أخبرنا أبو صالح الكناني عن يحيى بن عبد الحميد الحماني، عن شريك، عن هشام بن معاذ، قال: كنت جليسا لعمر بن عبد العزيز، حيث دخل المدينة فأمر مناديه فنادى: من كانت له مظلمة أو ظلامة فليأت الباب، فأتى محمد بن علي، يعني الباقر - عليهما السلام، فدخل إليه مولاه مزاحم فقال: إن محمد بن علي بالباب، فقال له:
أدخله يا مزاحم، قال: فدخل وعمر يمسح عينيه من الدموع، فقال له محمد بن علي: ما أبكاك يا عمر؟ فقال هشام: أبكاه كذا وكذا يا بن رسول الله، فقال محمد بن علي: يا عمر، إنما الدنيا سوق من الأسواق، منها خرج قوم بما ينفعهم، ومنها خرجوا بما يضرهم، وكم من قوم قد ضرهم بمثل الذي أصبحنا فيه حتى أتاهم الموت فاستوحشوا فخرجوا من الدنيا ملومين لما لم يأخذوا لما أحبوا من الآخرة عدة، ولا مما كرهوا جنة، قسم ما جمعوا من لا يحمدهم، وصاروا إلى من لا يعذرهم، فنحن والله محقوقون أن ننظر إلى تلك الأعمال التي كنا نغبطهم بها فنوافقهم فيها، وننظر إلى تلك الأعمال التي كنا نتخوف عليهم منها فنكف عنها، فأتق الله، واجعل في قلبك اثنتين: تنظر الذي تحب أن يكون معك إذا قدمت على ربك فقدمه بين يديك، وتنظر الذي تكرهه أن يكون معك إذا قدمت على ربك فابتغ فيه البدل، ولا تذهبن إلى سلعة قد بارت على من كان قبلك ترجو أن تجوز عنك، واتق الله عز وجل يا عمر، وافتح الأبواب وسهل الحجاب، وأنصر المظلوم، ورد المظالم.
ثم قال: ثلاث من كن فيه استكمل الايمان بالله، فجثا عمر على ركبتيه، ثم قال: إيه يا أهل بيت النبوة، فقال: نعم يا عمر، من إذا رضي لم يدخله رضاه في الباطل، وإذا غضب لم يخرجه غضبه من الحق، ومن إذا قدر لم يتناول ما ليس له.
فدعا عمر بدواة وقرطاس وكتب: بسم الله الرحمان الرحيم، هذا ما رد عمر بن عبد العزيز ظلامة محمد بن علي فدك.
قال أحمد المحمودي: روى العلامة المجلسي رحمه الله في البحار هذا الحديث بعينه مع اختلاف طفيف نقلا عن الخصال كما رأيت، أنظر البحار ج 46 ص 326 و 78 ص 181.