المسترشد - محمد بن جرير الطبري ( الشيعي) - الصفحة ٤٣٣
[قصة الغار لا تدل على فضيلة لأبي بكر] 143 - احتجوا علينا حين انقطعوا، ولم تبق لهم حجة: إن أبا بكر كان في الغار مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) (1) وأن الله جل ذكره، ذكره في كتابه،
(1) - وفي " ش ": وان نزلت عليه، أقول: قصة الغار تبدأ من أن المشركين في مكة مكروا برسول الله صلى الله عليه وآله واجتمعت في دار الندوة وكانوا أربعين رجلا، وقالوا بأجمعهم: أن يجتمع من كل بطن من بطون قريش رجل شريف! ويكون معهم من بني هاشم واحد، فيأخذون حديدة أو سيفا ويدخلون عليه فيضربونه كلهم ضربة واحدة فيتفرق دمه في قريش كلها فلا يستطيع بنو هاشم أن يطلبوا بدمه، فاختاروا خمسة عشر رجلا فيهم أبو لهب على أن يدخلوا على رسول الله فيقتلونه، فأنزل الله سبحانه على رسوله: (وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين / الأنفال - 30)، فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يفرش له وقال لعلي بن أبي طالب عليه السلام: يا علي أفدني بنفسك، قال: نعم يا رسول الله، قال له: نم على فراشي والتحف ببردي فنام علي عليه السلام على فراش رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والتحف ببردته، قيل: وإن الله عز وجل أوحى في تلك الليلة إلى جبرئيل وميكائيل: (إني قضيت على أحدكما بالموت فأيكما يواسي صاحبه فاختار الحياة كلاهما، فأوحى الله إليهما هلا كنتما كعلي بن أبي طالب آخيت بينه وبين محمد وجعلت عمر أحدهما أكثر من الآخر فاختار علي الموت وآثر محمدا بالبقاء ونام في مضجعه إهبطا فاحفظاه من عدوه) فهبط جبرئيل وميكائيل فقعد أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه يحرسانه من عدوه ويصرفان عنه الحجارة وجبريل يقول: " بخ بخ لك يا ابن أبي طالب؟ من مثلك يباهي الله بك ملائكة سبع سماوات "، وخلف عليا عليه السلام على فراشه ولرد الودائع التي كانت عنده.
فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله عليهم وهو يقرأ " يس " إلى قوله: (وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون / يس - 9).
وأخذ ترابا بكفه ونثره عليهم وهم نيام ومضى، فقال له جبريل عليه السلام: يا محمد خذ ناحية ثور وهو جبل على طريق منى له سنام كسنام الثور فمر رسول الله وتلقاه أبو بكر في الطريق فأخذ بيده ومر به فلما إنتهى إلى ثور دخل الغار.