النفس الناطقة المستعدة للبيان وفهم الخطاب ولا تفنى بفناء الجسد، والجمع الأرواح. ولعل المراد بالأب تلك الطينة لأنها مادة وجودهم كالأب، وبالأم تلك الفائضة منه تعالى عليهم لأنها بمثابة الأم في التربية والتدبير.
لا يقال: السبب الذي ذكره (عليه السلام) لحزن سببه غير معلوم يقتضي أن يكون كل مؤمن محزونا دائما إذ لا يخلو مؤمن من إصابة حزن قطعا لأنا نقول: يجوز أن يتفاوت ذلك بسبب تفاوت القرب والاتصال في الشدة والضعف.
3 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: المؤمن أخو المؤمن، عينه ودليله، لا يخونه ولا يظلمه ولا يغشه ولا يعده عدة فيخلفه.
* الشرح:
قوله (قال: المؤمن أخو المؤمن عينه) أي نفسه وذاته من باب المبالغة للمشاركة في الطينة، أو في الصفات، أو عينه الباصرة فيجب عليه حفظه كحفظها أو حافظه أو طليعته يتعرف الأمور النافعة له ويوصل خبرها إليه (ودليله) إلى المنافع والمضار والخيرات الدنيوية والأخروية (لا يخونه) في عهده وأمانته المالية والسرية (ولا يظلمه) في نفسه وماله وأهله وساير حقوقه (ولا يغشه) في النصيحة والمشورة والإرشاد إلى مصالحه.
(ولا يعده عدة فيخلفه) لأن خلف الوعد مذموم عقلا وشرعا، وفيه رذالة وخساسة وحقارة وخفة وإيذاء للمؤمن وتكدر لخاطره والنفي بمعناه، أو بمعنى النهى وفي الأول إشارة إلى أنه لو أتى بالمنفي لم يتصف بالأخوة والإيمان.
4 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، وعدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، جميعا، عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول:
المؤمن أخو المؤمن كالجسد الواحد، إن اشتكى شيئا منه وجد ألم ذلك في سائر جسده، وأرواحهما من روح واحدة، وإن روح المؤمن لأشد اتصالا بروح الله من اتصال شعاع الشمس بها.
* الشرح:
قوله (المؤمن أخو المؤمن كالجسد الواحد ان اشتكى شيئا منه وجد ألم ذلك في ساير جسده) هذا تمثيل وتقريب للفهم حيث شبههم بالواحد لاتحادهم في المادة والروح واتفاقهم في صفة الايمان وتناسبهم في التوحيد والعرفان فكان كل واحد منهم نفس صاحبه معنى وإن تفرقت بهم