المحاسن - أحمد بن محمد بن خالد البرقي - ج ١ - الصفحة ١٣٧
حسن السمت وحسن الخلق والأمانة، ثم أفتشه فأفتشه عن عداوتكم، وأخالط الرجل فأرى فيه سوء الخلق وقلة أمانة وزعارة، ثم أفتشه فأفتشه عن ولايتكم فكيف يكون ذلك؟ - قال:
فقال لي: أما علمت يا بن كيسان، أن الله تبارك وتعالى أخذ طينة من الجنة وطينة من النار فخلطهما جميعا ثم نزع هذه من هذه، فما رأيت من أولئك من الأمانة وحسن السمت و حسن الخلق، فمما مستهم من طينة الجنة، وهم يعودون إلى ما خلقوا منه، وما رأيت من هؤلاء من قلة الأمانة وسوء الخلق والزعارة، فمما مستهم من طينة النار، وهم يعودون إلى ما خلقوا منه (1).
21 - وعنه، عن أبيه رحمه الله، عن عبد الله بن القاسم الحضرمي، عمن حدثه قال:
قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أرى الرجل من أصحابنا ممن يقول بقولنا خبيث اللسان، خبيث الخلطة، قليل الوفاء بالميعاد، فيغمني غما شديدا، وأرى الرجل من المخالفين علينا حسن السمت، حسن الهدى، وفيا بالميعاد، فاغتم لذلك غما شديدا، فقال: أو تدرى لم ذاك؟ - قلت: لا، قال: ان الله تبارك وتعالى خلط الطينتين فعركهما، وقال بيده هكذا راحتيه جميعا واحدة على الأخرى، ثم فلقهما، فقال: هذه إلى الجنة، وهذه إلى النار، ولا أبالي، فالذي رأيت من خبث اللسان والبذاء وسوء الخلطة وقلة الوفاء بالميعاد من الرجل الذي هو من أصحابكم يقول بقولكم فبما التطخ بهذه من الطينة الخبيثة وهو عائد إلى طينته، و

1 - ج 3، " باب الطينة والميثاق " (ص 69، س 34) قائلا بعده: " بيان - قوله (ع):
" فلست أعرفك " أي بالتشيع. و " الزعارة " بالتشديد وقد يخفف شراسة الخلق. " أقول نقله أيضا في ج 15 (الجزء الأول، ص 24، س 5) مع اختلاف يسير في العبارة من الكافي قائلا بعده:
" توضيح - " عن عداوتكم " التعدية بعن لتضمين معنى الكشف. و " السمت " الطريق و هيئة أهل الخير. " وزعارة " بالزاي والراء المشددة ويخفف، الشراسة وسوء الخلق، و في بعض النسخ بالدال والعين والراء المهملات وهو الفساد والفسق والخبث. " فخلطهما جميعا " أي في صلب آدم (ع) إلى أن يخرجوا من أصلاب أولاده وهو المراد بقوله (ع) " ثم نزع هذه من هذه " إذ يخرج المؤمن من صلب الكافر والكافر من صلب المؤمن. وحمل الخلط على الخلطة في عالم الأجساد واكتساب بعضهم الأخلاق من بعض بعيد جدا وقيل: " ثم نزع هذه من هذه " معناه أنه نزع طينة الجنة من طينة النار وطينة النار من طينة الجنة بعدما مست إحداهما الأخرى ثم خلق أهل الجنة من طينة الجنة وأهل النار من طينة النار و " أولئك " إشارة إلى الأعداء و " هؤلاء " إلى الأولياء و " ما خلقوا منه في الأول طينة النار وفي الثاني طينة الجنة. "
(١٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 ... » »»
الفهرست