توضيح الكلام فيه ان الأمور المنتزعة على نحوين: فمنها ما ينتزع وجوده من وجود منشأ انتزاعه، فيدور الامر المنتزع حينئذ مدار منشأه حدوثا وبقاءا كالفوقية والتحتية المنتزعتين من تقابل الجسمين بحيث لو وقع أحدهما لوقع على الاخر ومنها ما ينتزع حدوثه من حدوث منشأه فيدور الامر المنتزع حينئذ مدرا منشأه حدوثا لا بقاءا، كالطهارة المنتزعة من الوضوء والغسل والتيمم والفسق المنتزع من ارتكاب الكبائر. والعقد باعتبار الأول من قبيل الأول كما أنه بالاعتبار الثاني من قبيل الثاني فان عقدة النكاح والبيع وهكذا تبقى بعد انقضاء الصيغة.
ومن هنا يجوز حل البيع بالفسخ والإقالة وإزالة النكاح بالطلاق من دون ان ينقلب المنشأ وهو الحدوث إلى اللاحدوث. وإذ قد اتضح لك ما بيناه فاعلم أن مقسم الاقسام والجامع بين الأنواع وموضوع الآثار والأحكام هو المعنى الثاني، ضرورة ان البيع والصلح والنكاح وهكذا من المفاهيم العقدية التي تترتب عليها حلية الوطي وجواز التصرفات إنما تكون أنواعا وأقساما له بهذا المعنى، كما أن الإقالة والفسخ والطلاق إنما تلحقه كذلك، فالآثار إنما تدور العلقة الباقية حدوثا وبقاءا لامدار الصيغة الزائلة.
وإذا اتضح لك ان موضوع الأحكام ومقسم الاقسام هو المعنى الثاني، اتضح لك انه المبحوث عنه أيضا، ضرورة انه إنما يبحث عن الشئ لبيان أحكامه.
وحيث خفى ما حققناه على أكثر المتأخرين من الأصحاب (قدس سرهم) زعموا ان العقد حقيقة هو الايجاب والقبول، وان اضافته إلى البيع وسائر الأنواع لامية ان قلنا إن الأنواع هي الآثار المترتبة عليها، وبيانية ان قلنا إنها هي الايجاب والقبول حقيقة.
وقد اتضح لك بما بيناه فساد الجميع، فان العقد حقيقة هو الأثر المترتب عليهما وان اتحد معهما في الخارج اتحاد الامر المنتزع مع منشأ انتزاعه، والمبحوث عنه هو المعنى الثاني المفارق عنهما في مرحلة البقاء فإضافته إلى الأنواع بيانية بناءا على