تحديدها بالمعاني المنشئة من الايجاب والقبول كما هو التحقيق ثم توهم الاختلاف في أن حقيقتها هل هي من قبيل المعاني المنشئة أو من قبيل الصيغ المشتملة على الايجاب والقبول من الغرائب، ضرورة ان الأنواع هي المفاهيم المنشئة القارة القابلة للحوق الاقرار والحل والإقالة والطلاق، واختلاف تعاريفهم لا يدل على اختلافهم في حقائقها لان الغرض منها تقريب الحقيقة من وجه لا تحقيقها من كل وجه كما هو الشأن في غالب التعاريف المتداولة في الكتب المصنفة، فهي شبه التعاريف اللفظية من حيث عدم تعلق الغرض بالكشف منها الا في جملة، فلا يدل اختلاف التعاريف حينئذ على اختلاف الحقيقة، ضرورة جواز اختلاف التقريبات مع وحدة الحقيقة.
واعجب منه توهم وقوع النزاع في وضع ألفاظ العقود من البيع والصلح وهكذا الايجاب والقبول، أو للمعاني المنشئة، فنسب إلى بعض وضعها للأول وان استعماله في الثاني من قبيل استعمال السبب في المسبب والى اخر عكسه، والى ثالث اشتراكهما في المعنيين، فان التعاريف إنما هي لبيان حقائق الأنواع لا لتفسير الألفاظ وبيان وضعها، وليست الحقيقة النوعية تابعة للحقيقة اللفظية كما هو ظاهر مع أن ألفاظ العقود إنما تستعمل في معنى واحد وهو المفهوم المنشأ من الايجاب والقبول، فلا مجال للتجوز والاشتراك، والاطلاق على الايجاب والقبول لا ينافيه إذ يكفي في صحة الاطلاق الاتحاد في الخارج مع المغايرة في المفهوم، كما يقال:
الضرب تأديب وظلم وقصاص، فيحمل المفاهيم المختلفة على الضرب مع بقائه على مفهومه الأصلي، فالتعدد في الصدق والاطلاق، لا في الاستعمال فلا تجوز ولا اشتراك.
ثم إن وضع ألفاظ العقود للايجاب والقبول واستعمالهما فيهما أو في أحدهما غير معقول لاستلزامه اتحاد طرفي الوضع والاستعمال حينئذ، فان الايجاب والقبول عين ألفاظ العقود. والالتزام باستعمال - مثل: بعت وصالحت وأنكحت.