ولكن لا يظهر الرفق بين كونه وقفا أو حبسا بدون القصد فالأولى الرجوع إليه فيه، ولا يقدح في الحبس استعماله فيه على وجه المجاز اما لأنه شائع في هذا الاستعمال أو لمنع اختصاص كل بصيغة خاصة، بل لما أفاده وهو حاصل والقول باستلزام الصحة انتقال الملك عن الواقف والا فهو الحبس فيجب ان لا يعود عين النزاع وبالجملة فالقول بالصحة في الجملة متجه " انتهى.
وفصل الكلام في المقام يتوقف على تحقيق حقيقة الوقف وانه يعتبر فيه التأبيد أم لا؟ وانه على فرض اعتباره فيه عرفي قرره الشارع أم مجعول له فالكلام يقع في مقامين:
الأول: في تحقيق حقيقة الوقف: فأقول مستمدا برب الأرباب وامنائه الأطياب - عليهم صلوات الله الملك الوهاب - ان للوقف حقيقة واحدة ولا تختلف حقيقة الشئ باختلاف الموارد فالقول بان حقيقة الوقف هي تمليك رقبة الموقوفة للموقوف عليه بحيث لا تباع ولا توهب ولا تورث في غير محله، لعدم اطراده في الوقف على المصالح بل الأوقات العامة مطلقا لان المصالح والأمور العامة لا تقبل التملك، بل لا يطرد في الوقف على المنقطع الاخر بناءا على كونه وقفا.
كما أن القول بأنه اخراج المال عن الملك على وجه مخصوص في غير محله أيضا لأنه ان أريد بان حقيقته هي الاخراج عن الملك كالاعراض والتحرير لزم أن يكون الوقف كالابراء والعتق ايقاعا لا عقدا: فيلزم حينئذ عدم نفوذ الاشتراط والتقييد فيه لان الشرط إنما ينفذ في العقد لا في الايقاع، ونفوذ عتق العبد مشترطا عليه الخدمة في مدة معينة لا ينافي ما بيناه، لان مرجعه إلى استثناء منفعة العبد في مدة معينة عن العتق لا إلى اشتراط شئ على المعتق في اعتاقه.
وان أريد ان حقيقته هي ما يترتب عليه الخروج عن الملك ففيه أو لا انه لا يكون حقيقته حينئذ هي الاخراج عن الملك وثانيا انه لا يجرى في الوقف على