" فائدة - 70 " اعلم أنه لا جبر ولا تفويض في افعال العباد بل امر بين الامرين ومنزلة بين المنزلين وتوضيح المرام يتوقف على بيان شبهات الجبرية والمفوضة ودفعهما حتى يتضح فصل القول في المقام ويتحقق انه لا جبر ولا تفويض فأقول:
عمدة شبهات الجبرية ترجع إلى أمور أربعة:
الأولى: انه لا يمكن صدور فعل من العبد على خلاف مشية الباري تعالى شأنه والا لزم أن يكون العبد مستقلا في قدرته واستطاعته وهو باطل بالضرورة، فلا يصدر منه فعل الا بمشيته تعالى شأنه ومع مشيته تعالى شأنه تكون إرادة العبد مقهورة تحت ارادته تعالى شأنه، فتكون ارادته حينئذ كلا إرادة فيكون مجبورا في أفعاله.
والثانية: ان الشئ ما لم يجب لم يوجد وهذه قضية ضرورية لا شبهة فيها ففعل العبد إنما يوجد في الخارج بعد وجوبه ومع وجوبه لا يمكنه تركه فيكون مضطرا في فعله.
والثالثة ان ما بالغير لا بد ان ينتهى إلى ما بالذات وهذه قضية ضرورية ففعل العبد لا بد ان ينتهى إلى الواجب بالذات وهو الباري تعالى شأنه، فالفعل صادر منه تعالى شأنه في الحقيقة وإن كان محل صدوره العبد والرابعة انه تعالى عالم بافعال العباد قبل صدورها منه ويستحيل تخلف العبد