جهة وجود حبلين تنزيليين من طرف المتعاقدين مشدود أحدهما بالاخر، أو حبل واحد شد أحد طرفيه بالمعقود عليه، كما سيظهر لك تفصيل الحال في بيان اقسام العقود.
وهكذا الامر في اطلاق العقود على العهود الموثقة الإلهية المأخوذة في ولاية مولانا أمير المؤمنين - صلوات الله عليه وعلى أبنائه الطاهرين - في عشر مواطن المفسر بها قوله عز من قائل " يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود " أو مطلق العهود الإلهية أو التكاليف الشرعية، فان حبل الالزام من الله تعالى فيها مشدود بحبل الالتزام من المؤمنين.
ومن هذا الباب أيضا اطلاق العقدة على الاشكال لأنه إذا اشتكلت جهات في امر وأبهم وخفى وجه المطلب يكون حبل الواقع مشدودا بحبل غيره. ومن هذا القبيل أيضا اطلاق الاعتقاد على اذعان النفس بأمر علما كان أو اطمينانا، فان النفس إذا سكنت واستقرت في امر يكون حبلها مشدودا بحبله، ومن هنا لا ينطبق على ما دون الاذعان والاطمينان من مراتب الظن، ضرورة عدم حصول الشد والعقد مع عدم الاذعان والاطمينان.
وبالتأمل فيما بيناه يظهر لك الحال في سائر الموارد، وإذ قد تحقق لك مفهوم العقد لغة وحقيقة المبحوث عنها في الفقه، فلا بد لنا من التكلم في مقامات:
الأول: في بيان ان الأصل فيه الصحة والنفوذ، فأقول: ان المفاهيم العقدية كسائر المفاهيم الانشائية من الطلب والتمني والترجي والاستفهام وهكذا افعال توليدية وأمور اعتبارية انتزاعية تحصل بمجرد وجود منشأ انتزاعها في الخارج، ولا تكون من قبيل الأحكام الشرعية تكليفية أو وضعية حتى يتوقف الحكم بالثبوت على ورود النص. كشف الحال فيه ان انتزاع فعل وتولده منه على نحوين:
فقد يكون امرا واقعيا مجبولا عليه الطباع يعرفه العقل وأهل العرف من دون مراجعة إلى الشرع كانتزاع علقة المجاورة والرفاقة والشركة وهكذا حيث تنتزع